حكى الشيخ عبد النبي العراقي ـ عن المرحوم الميرزا هادي الخطيب الخراساني في النجف (١) ـ وغيره عن الشيخ محمّد طه نجف أنّه سمع مَن يثق بدينه أنّه قد وقف على كتاب ( السلافة في أمر الخلافة ) للشيخ عبد الله المراغي المصري من علماء القرن السابع الهجري في مكتبة المدرسة الظاهرية بدمشق (٢) ، وفيه : أن أبا ذرٍّ ، وفي آخر : سلمان : قد شهدا بالولاية لعليٍّ في أذانهما بعد واقعة الغدير ، وقد سمع ذلك بعض الصحابة ونقلوه إلى رسول الله ، وهم على اعتقاد بأنّ النبيّ سيستنكر هذا الفعل ويوبّخهما ، لكنّهم هم الذين لاقوا التأنيب والتوبيخ من قبل رسول الله ؛ إذ قال لهم بما مضمونه : أما وعيتم خطبتي يوم الغدير لعلي بالولاية ؟ وما قلته قبل ذلك في أبي ذر وأنّه أصدق ذي لهجة ؟ وإنّي قد عنيت بكلامي أمراً ، وخصوصاً حينما جمعتكم في ذلك الحر الشديد والصحراء الملتهبة عند غدير خُمّ . ويكون معنى كلامه صلىاللهعليهوآله إنّي أحبّ أن يُؤتى بهذا ، ولكن لا ألزمكم به .
أنا لا اريد أن استدل بهذا الكلام في بحثي ، لأنّه كلام رجل عامي ومرسل لا يمكن الاعتماد عليه في الاستدلال ، وذلك لوجود قرائن وأدلة قوية تعينني للوصول إلى ما اريد قوله مستغناً عن هذه الحكاية وامثالها ، لكني في الوقت نفسه لا استبعد صدور هذا النص عن سلمان وأبي ذر ، لأنّهما كان بمقدورهما التعرف على ملاكات الأحكام وروح التشريع ، لكونهما من خلص أصحاب الرسول وحواري الإمام علي .
وقد جاء في كتاب الاحتجاج عن عبد الله بن الصامت ، قال : رأيت أبا ذر
__________________
(١) الهداية في كون الشهادة بالولاية جزء كسائر الاجزاء : ٤٥ .
(٢) أخبرني غير واحد بأنّهما سمعا من أشخاص كانوا قد شاهدوا الكتاب في المكتبة الظاهرية ، لكنّي لم أقف على الكتاب رغم بحثي عنه أخيراً .