العشرون : ثبت علمياً وتاريخياً تخالف منهج الخلفاء مع منهج أهل البيت في كثير من الأحكام (١) الشرعية ، وأن العلويين عندما كان يحكمون كانوا يسعون لتطبيق ما عرفوه عن ابائهم من سنة رسول الله بالطرق الصحيحة ، وقد مر عليك قبل قليل ان عبيد الله مؤسس الدولة الفاطمية أمر بقطع صلاة التراويح في شهر رمضان وأمر بالجهر بالبسملة في الصلاة المكتوبة ، والقنوت في صلاة الجمعة قبل الركوع واسقط من اذان الصبح الصلاة خير من النوم ، وزاد حي على خير العمل مع تفسيرها محمّد وعلي خير البشر بعد أن كان قد رُفع من قبل الخلفاء لورودها في الروايات الصحيحة عند أهل البيت عليهمالسلام .
وقد كان هذا عمل الحكومات الشيعية الأخرى في البلدان الأخرى ، فالبعض حرّم شرب الفقاع (٢) ، وأكل السمك الذي لا قشر له (٣) ، وجوّز لبس السواد في محرم (٤) والاحتفال بعيد الغدير (٥) والاخر نظراً لظروفٍ امكنه تطبيق اُمور اخرى إلى غيرها من عشرات المسائل .
إذن الشهادة الثالثة وما جاء في تفسير معنى ( حيّ على خير العمل ) لا يمكن إفرادها عن اخواتها ، فمن المؤكد أن تكون هناك أدلّة عليها عند هؤلاء وقد وصلت للشيخ الصدوق ، لكن النزاع السياسي بين العباسيين والعلويين لم يكن يسمح للصدوق وغيره من المحدّثين بنشرها ، لأنّ الشهادة الثالثة تعني بطلان شرعية حكوماتهم ، وهذا ما فهموه من الروايات وما كانت تأتي به الشيعة ، وهو ما فهمه اسلافهم كعمر من الحيعلة الثالثة ، لأن اعتقاد كون ولاء الإمام علي هو خير العمل
__________________
(١) راجع كتابنا منع تدوين الحديث .
(٢) المواعظ والاعتبار ٢ : ٣٤٢ .
(٣) المواعظ والاعتبار ٢ : ٣٤٢ ، وانظر تاريخ ابن خلدون ٤ : ٦٠ .
(٤) النجوم الزاهرة ٤ : ٥٧ ، العبر ٢ : ٣١٦ .
(٥) النجوم الزاهرة ٤ : ٥٧ .