حال الأذان ، فالصحابة والتابعون وأمثالهم كانوا يأتون بها لا على نحو الشرطيّة والجزئيّة ، بل يأتون بها أوّلاً لأنّها جملةٌ تفسيريّة مباح الإتيان بها ، بل محثوثٌ على الإتيان بها ، وثانياً لمحبوبيّتها الذاتيّة ورجحانها النفسيّ ، أو لإحقاق حقوق الأئمّة ، والوقوف أمام مطامع الحكّام والسلاطين ، شريطة أن يأمنوا من مكر السلطان وبطشه .
أكّدت معتبرة الفضل بن شاذان المرويّة في عيون أخبار الرضا عن الإمام الرضا بأنّ الأذان دعوة إلى الإيمان لقوله صلىاللهعليهوآله : « . . . ويكون المؤذّن بذلك داعياً إلى عبادة الخالق ، مرغّباً فيها ، مقرّاً له بالتوحيد ، مجاهراً بالإيمان ، معلناً بالإسلام » ـ إلى أن يقول ـ : « لأنّ أوّل الإيمان إنّما هو التوحيد والإقرار لله عزّ وجلّ بالوحدانية ، والثاني الإقرار للرسول بالرسالة ، وأنّ طاعتهما ومعرفتهما مقرونتان ، ولأنّ أصل الإيمان إنّما هو الشهادة ، فجعل الشهادتين في الأذان . . . فإذا أقرّ [ العبد ] لله بالوحدانية ، وأقرّ للرسول بالرسالة ، فقد أقرّ بجملة الإيمان ، لأنّ أصل الإيمان إنّما هو الإقرار بالله وبرسوله . . . » (١) .
وهنا لا بدّ من توضيح بسيط لهذه الرواية ، فأقول :
من المحتمل قوياً عندي وجود تقديم وتأخير في كلمتي الإسلام والإيمان من قبل الراوي ، فتكون العبارة هكذا : « مجاهراً بالإسلام ومعلناً بالإيمان » وهذا ما يؤكّده ذيل الخبر ، لأنّ الإقرار بالشهادتين ـ وحسب قول الإمام ـ
__________________
(١) عيون أخبار الرضا ٢ : ١٠٣ / باب ٣٤ / ح ١ ، قال الصدوق في آخر باب ٣٥ ( ج ٢ : ١٢٦ ) بعد ان روى ثلاثة طرق لما كتبه الرضا عليهالسلام للمامون في محض الإسلام وشرائع الدين : وحديث عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس رضي الله عنه عندي اصح ولا قوة إلّا بالله .