فضول ، فمن سأل بالله فيما ليس عليه ولا عليك فرضه ، فإعطاؤك إياه لإجلال حق الله وتعظيمه ، وليس عليك بفرض ولا حتم. انظر تمامه فى الحاشية الفاسية.
الإشارة : إنّ المتقين ما سوى الله فى جنات المعارف ، وعيون العلوم والأسرار. قال القشيري : فى عاجلهم فى جنة الوصل ، وفى آجلهم فى جنة الفضل ، فغدا نجاة ودرجات ، واليوم قربات ومناجاة. ه. (آخذين ما آتاهم ربهم) من فنون المواهب والأسرار ، وغدا من فنون التقريب والإبرار ، راضين بالقسمة ، قليلة أو كثيرة. إنهم كانوا قبل ذلك : قبل الإعطاء ، محسنين ، يعبدون الله على الإخلاص ، يأخذون من الله ، ويدفعون به ، وله ، ولا يردون ما أعطاهم ، ولو كان أمثال الجبال ، ولا يسألون ما لم يعطهم ، اكتفاء بعلم ربهم.
قال القشيري : كانوا قبل وجودهم محسنين ، وإحسانهم : كانوا يحبون الله بالله ، يحبهم ويحبونه وهم فى العدم ، ولمّا حصلوا فى الوجود ، كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ، كأنّ نومهم عبادة ، لقوله عليه الصلاة والسّلام : «نوم العالم عبادة» (١) ، فمن يكون فى العبادة لا يكون نائما ، وهجوع القلب : غفلته ، وقلوبهم فى الحضرة ، ناموا أو استيقظوا ، فغفلتهم بالنسبة إلى حضورهم قليلة. وقال سهل رضي الله عنه : أي : كانوا لا يغفلون عن الذكر فى حال ، يعنى هجروا النّوم ؛ لوجود الأنس فى الذكر ، والمراد بالنوم : نوم القلب بالغفلة.
(وبالأسحار هم يستغفرون) ، قال القشيري : أخبر عن تهجدهم ، وقلة دعاويهم ، وتنزلهم بالأسحار ، منزلة العاصين ، تصغيرا لقدرهم ، واحتقارا لفعلهم. ثم قال : والسهر لهم فى ليالهم دائم ، إما لفرط لهف ، أو شدة أسف ، وإما لاشتياق ، أو للفراق ، كما قالوا :
كم ليلة فيك لا صباح لها |
|
أفنيتها قابضا على كبدى |
قد غصّت العين بالدموع وقد |
|
وضعت خدى على بنان يدى (٢) |
وإما لكمال أنس ، وطيب روح ، كما قالوا :
سقى الله عيشا قصيرا مضى |
|
زمان الهوى فى الصبا والمجون (٣) |
لياليه تحكى انسداد لحاظ |
|
لعينىّ عند ارتداد الجفون. ه. (٤) |
__________________
(١) أخرجه الديلمي (مسند الفردوس ح ٦٧٣١) عن عبد الله بن أبى أوفى ، بزيادة «ونفسه تسبيح» وعمله مضاعف ، ودعاؤه مستجاب ، وذنبه مغفور» وأخرجه الديلمي (ح ٦٧٣٤) والبيهقي فى الشعب (ح ٣٩٣٧) بلفظ «الصائم» بدل «العالم». وانظر كشف الخفاء ٢ / ٤٤٥ ، والأسرار المرفوعة ص ٣٧٤.
(٢) القائل هو أحمد بن يوسف ، صاحب ديوان الرّسائل فى عهد المأمون. انظر الأغانى (٢٢ / ٥٧٠).
(٣) فى الأصول : السجون.
(٤) البيت فى الأصول : [لياليه تحكى إنشاء اللحاظ .. للعين عند ارتداء الجفون] والمثبت هو الذي فى لطائف الإشارات.