وقوله تعالى : (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ) قال الورتجبي عن الجنيد : إي : اعلم حقيقة أنك بنا ولنا وبنا ، علمتنا ، وإياك أن ترى نفسك فى ذلك ، فإن خطر بك خاطر غير ، فاستغفر من خاطرك ، فلا ذنب ولا خطب أعظم ممن رجع عنا إلى سوانا ، ولو فى خطرة ونفس. ثم قال عن الأستاذ القشيري : إذا علمت أنك علمته فاستغفر لذنبك من هذا ؛ فإن الحق علا جلال قدره أن يعلمه غيره. ه. قلت : وحاصله : أنّ استغفاره صلىاللهعليهوسلم ما عسى أن يخطر بباله رؤية وجوده ، كما قال الشاعر:
وجودك ذنب لا يقاس به ذنب
فلا وجود للغير معه أصلا ، فهو الذي عرف نفسه بنفسه ، ووحّد نفسه بنفسه ، وقدّس نفسه بنفسه ، وعظّم نفسه بنفسه ، كما قال الهروي رضي الله عنه حين سئل عن التوحيد الخاص :
ما وحّد الواحد من واحد |
|
إذ كلّ من وحّده جاحد |
توحيد من ينطق عن نعته |
|
عارية أبطلها الواحد |
توحيده إيّاه توحيده |
|
ونعت من ينعته لاحد (١) |
ثم ذكر حال المؤمنين والمنافقين عند نزول الوحى ، فقال :
(وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْ لا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلى لَهُمْ (٢٠) طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ (٢١) فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ (٢٢) أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ (٢٣) أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها (٢٤))
يقول الحق جل جلاله : (وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْ لا نُزِّلَتْ سُورَةٌ) فيها ذكر الجهاد ، وذلك أنّ المؤمنين كان حرصهم على الجهاد يبعثهم على تمنى ظهور الإسلام ، وتمنى قتال العدو ، فكانوا يأنسون بالوحى ،
__________________
(١) راجع التعليق على هذه الأبيات عند إشارة الآيات : ٢ ـ ٤ من سورة الفاتحة.