وجود غفلته ، فقد استعجز قدرة الإلهية ، وكان الله على كلّ شىء مقتدرا» (١) أهم خير أم قوم تبع؟ وقد أخرج الله من قومه أنصار نبيه صلىاللهعليهوسلم ، وكانوا من خواص أحبابه ، حتى قال : «الناس دثار والأنصار شعار ، لو سلك النّاس واديا أو شعبا ، وسلكت الأنصار واديا ، لسلكت وادي الأنصار وشعبهم» (٢). وما خلقنا الأجرام العظام إلا لتدل على كمال قدرتنا ، والسّلام.
ثم ذكر شأن البعث الذي أنكرته الجاهلية ، فقال :
(إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقاتُهُمْ أَجْمَعِينَ (٤٠) يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤١) إِلاَّ مَنْ رَحِمَ اللهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٤٢) إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (٤٣) طَعامُ الْأَثِيمِ (٤٤) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (٤٥) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (٤٦) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ (٤٧) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ (٤٨) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (٤٩) إِنَّ هذا ما كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ (٥٠))
يقول الحق جل جلاله : (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ) أي : فصل الحق عن الباطل ، وتمييز المحق من المبطل ، أو فصل الرّجل عن أقاربه وأحبابه ، وهو يوم القيامة ، (مِيقاتُهُمْ أَجْمَعِينَ) أي : وقت موعدهم كلهم ، (يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً) ؛ لا يغنى ناصر عن ناصر ، ولا حميم عن حميم ، ولا نسب عن نسيب ، شيئا من الإغناء.
قال قتادة : انقطعت الأسباب يومئذ بابن آدم ، وصار النّاس إلى أعمالهم ، فمن أصاب يومئذ خيرا ، سعد به ، ومن أصاب يومئذ شرا شقى به (٣). ه. و (يَوْمَ) : بدل من يوم الفصل ، أو : صفة لميقاتهم ، أو : ظرف لما دلّ عليه الفصل ، أي : يفصل فى هذا اليوم ، (وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) ؛ يمنعون مما أراد الله ، والضمير ل «مولى»
__________________
(١) حكمة عطائية. انظر الحكم بتبويب المتقى الهندي ، (ص ١٨ ، حكمة ١٩٧).
(٢) أخرجه مطولا البخاري فى (المغازي ، باب غزوة الطائف ، ح ٤٣٣٠) ومسلم فى (الزكاة ، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام .. رقم ١٠٦١ ح ٩١٣٩ من حديث عبد الله بن زيد ، والشعار هو : الثوب الذي يلى الجسد ، والدثار فوقه ، ومعنى الحديث : الأنصار هم البطانة والخاصة ، وألصق النّاس بي من سائر للناس.
(٣) أخرجه الطبري ، وزاد السيوطي عزوه فى الدر (٥ / ٧٥١) لعبد بن حميد.