فلا الشمس شمس تستنير ولا الضحى |
|
يطلق ولا ماء الحياة ببارد. ه. (١) |
وقوله تعالى : (رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ) قال القشيري : وقد يستزيد هؤلاء العذاب على العكس من أحوال الخلق ، وفى ذلك أنشدوا :
وكلّ مآربى قد نلت منها |
|
سوى ملك ودّ قلبى بالعذاب (٢) |
فهم يسألون البلاء بدل ما يستكشفه الخلق ، وأنشدوا :
أنت البلاء فكيف أرجو كشفه |
|
إنّ البلاء إذا فقدت بلائي. ه. |
قلت : وأصرح منه : قال الشاعر :
يا من عذابى عذب فى محبّته |
|
لا أشتكى منك لا صدّا ولا مللا |
وقول الجيلاني (٣) ـ رضي الله عنه :
تلذّ لى الآلام إذ كنت مسقمى |
|
وإن تختبرني فهى عندى صنائع |
تحكّم بما تهواه فىّ فإننى |
|
فقير لسلطان المحبة طائع |
قوله تعالى : (أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى) أي : كيف يتعظ من تنكب عن صحبة الرّجال ، وملأ قلبه بالخواطر والأشغال؟ وقد جاءهم من يدعوهم إلى الكبير المتعال ، فأنكروه ، وقالوا : معلّم مجنون ، إنا كاشفوا العذاب عن قلوبهم من الشكوك والخواطر قليلا ، حين يتوجهون إلينا ، ويفزعون إلى بابنا ، أو يسمعون من بعض أوليائنا ، ثم تكثر عليهم الخواطر ، حين تنقشع عنهم سحابة أمطار الواردات من قلوب أوليائنا ، إنكم عائدون إلى ما كنتم عليه ، يوم نبطش البطشة الكبرى ، هى خطفة الموت ، فلا ينفع فيها ندم ولا رجوع ، بل يورثهم حزنا طويلا ، فلا يجدون فى ظلال انتقامنا مقيلا ، فننتقم ممن أعرض بسريرته عن دوام رؤيتنا.
__________________
(١) هكذا فى الأصول ، أما فى لطائف الإشارات ، فالشطر الأول فيه : [فما جانب الدنيا بسهل ولا الضحى].
والبيت لأبى تمام ، فى رثاء خالد بن يزيد. انظر ديوان أبى تمام (٤ / ٧٢).
(٢) هكذا فى الأصول ، والشطر الثاني فى القشيري وغيره من المصادر والمذكورة بعد : [سوى ملذوذ وجدى بالعذاب].
هذا ، والبيت جاء منسوبا للحلاج فى ديوانه (قسم أعشار نسبت للحلاج ص ٦٨) وتاريخ بغداد (٨ / ١١٦) ، كما نسب البيت فى الكواكب الدرية (٤٤) والفتوحات المكية (٣ / ١٨٥) لأبى يزيد البسطامي.
(٣) الشيخ عبد الكريم الجيلي فى عينيته (ص ٥٠ ـ ٥١).