ويجوز أن يكون الجر والنّصب على إضمار القسم ، وحذفه ، كقوله تعالى : (قالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ) (١) وجوابه : (إِنَّ هؤُلاءِ ...) إلخ.
يقول الحق جل جلاله : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ) أي : المشركين ، أو : العابدين والمعبودين (مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ) لا الأصنام والملائكة (فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) ؛ فكيف يصرفون عن عبادته إلى عبادة غيره ، مع كون الكل مخلوقا له تعالى.
ولما شق عليه صلىاللهعليهوسلم صرفهم عن الإيمان جعل يستغيث ربه فى شأنهم ، حرصا على إيمانهم ، ويقول : (يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ) أي : قد عالجتهم فلم ينفع فيهم شىء ، فلم يبق إلا الرّجوع إليك ، إما إن تهديهم ، أو تهلكهم ، فأخبر تعالى أنه يسمع سرهم ونجواهم ، وقوله عليهالسلام فى شأنهم ، قال له تعالى : (فَاصْفَحْ عَنْهُمْ) أي : أعرض عنهم وأمهلهم ، (وَقُلْ سَلامٌ) أي : أمرى تسلّم منكم ومتاركة ، حتى نأمرك بجهادهم ، (فَاصْفَحْ عَنْهُمْ) أي : أعرض عنهم وأمهلهم ، (وَقُلْ سَلامٌ) أي : أمرى تسلّم منكم ومتاركة ، حتى نأمرك بجهادهم ، (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) حالهم قطعا ، وإن تأخر ذلك. وهو وعيد من الله تعالى ، وتسلية لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أو : فسوف يعلمون حقيقة ما أنكروا من رسالتك. ومن قرأ بالخطاب (٢) ، فهو داخل فى حيز «قل» ، من جملة ما يقال لهم.
الإشارة : العجب كلّ العجب أن يعلم العبد أنه لا خالق له سوى ربه ، ولا محسن له غيره ، وهو يميل بالمحبة أو الركون إلى غيره ، وفى الحكم : «والعجب كلّ العجب ممن يهرب مما لا انفكاك له عنه ، ويطلب ما لا بقاء له معه ، فإنها لا تعمى الأبصار ، ولكن تعمى القلوب التي فى الصدور.» ويقال لمن دعا إلى الله فلم ينجح دعاؤه : (فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ ...) الآية.
وبالله التوفيق .. وصلّى الله على سيدنا محمد وآله.
__________________
(١) الآية ٨٤ من سورة ص.
(٢) قرأ نافع وابن عامر وأبو جعفر ، بالخطاب على الالتفات ، والباقون بالغيب. انظر : الاتحاف / ٤٦١.