الذين تبرءوا من تلك الكلمات ، (أَلا إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) حيث لا يعاجلهم بالعقوبة على ما وصفوه به مما لا يجوز عليه.
الإشارة : حم عسق ، الحاء تشير إلى حمده لأوليائه ، وتنويهه بقدرهم ، والميم إلى تمليكهم التصرف فى حس الملك ، وأسرار الملكوت ، والعين إلى علو رتبتهم ، أو إلى علومهم اللدنية ، والسين إلى سيادتهم وسنا نورهم وسرهم ، والقاف إلى قربهم وتقريبهم حتى يمتحق وجودهم فى وجود محبوبهم ، فيمتحى القرب من شدة القرب ، وبذلك صاروا مقربين. والوحى ينقسم إلى أربعة أقسام ؛ وحى أحكام ، ووحي منام ، ووحي إلهام ، ووحي إعلام ، فاختصت الأنبياء بالأول ، وشاركتهم الأولياء فى الثلاثة. ووحي إعلام هو اطلاعهم على بعض المغيبات.
وقوله تعالى : (تَكادُ) (١) (السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ) أي : يتشققن من هيبته تعالى وكبريائه. وذلك لما لطف حسها أدركت هيبة معانى أسرار الذات ، وكذلك الأرواح ؛ إذا لطفت ورقّ حس بشريتها أدركت عظمة الحق وجلاله وجماله ، وإذا كثفت بشريتها ، بمباشرة الحس واتباع الهوى ، غلظ حجابها ، فبعدت عن حضرة الحق فى حال قربها. وقوله تعالى : (وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ) ، انظر جلالة قدر هذا الآدمي ، حتى سخّر الله له الملائكة الكرام يستغفرون له ، ويسعون فى مصالحه ، فاستحى من الله أيها العبد ، إن كان لك عقل وتمييز.
ثم ردّ على أهل الشرك ، فقال :
(وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ اللهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (٦) وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (٧) وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (٨) أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ فَاللهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٩))
قلت : (وَكَذلِكَ) : الكاف فى محل النّصب على المصدر ، و (قُرْآناً) : مفعول «أوحينا».
__________________
(١) راجع الهامش رقم ٢ فى الصفحة السابقة.