كانوا مصرّيين على الكفر العصيان ، (إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ) حيث آثروا الباطل على الحق ، وهو تعليل لاستحقاقهم العذاب. والضمير لهم وللأمم.
الإشارة : قال القشيري : إذا أراد الله بعبده سوء ، قيّض له إخوان سوء وقرناء شر ، هم الأضداد له فيما راموا ، وإذا أراد الله بعبد خيرا قيّض له قرناء خير ، يعينونه على الطاعة ، ويحملونه عليها ، ويدعونه إليها ، وإذا كانوا إخوان سوء يحملونه على المخالفات ، ويدعونه إليها ، ومن ذلك الشيطان. ثم قال : وشرّ قرين المرء نفسه ، ثم الشيطان ، ثم شياطين الإنس ، فزيّنوا لهم ما بين أيديهم من طول الأمل ، وما خلفهم من نسيان الزّلل ، والتسويف فى التوبة ، والتقصير فى الطاعة. ه.
قلت : والله ما رأينا الفلاح والخسران إلا من الخلطة. قال بعضهم : والله ما أفلح من أفلح إلا بصحبة من أفلح ، ولا سيما صحبة العارفين ؛ فساعة معهم تعدل عبادة سنين بالصيام والقيام وأنواع المجاهدة ، ولله در الجيلاني (١) رضي الله عنه حيث قال :
فشمر ولذ بالأولياء فإنّهم |
|
لهم من كتاب الله تلك الوقائع |
هم الذّخر للملهوف والكنز للرّجا |
|
ومنهم ينال الصّبّ ما هو طامع |
بهم يهتدى للعين من ضلّ فى العمى |
|
بهم يجذب العشّاق والرّبع شاسع |
هم الناس فالزم إن عرفت جنابهم |
|
ففيهم لضرّ العالمين منافع (٢) |
ثم ذكر بعض ما زيّنوا لهم ، فقال :
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (٢٦) فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذاباً شَدِيداً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ (٢٧) ذلِكَ جَزاءُ أَعْداءِ اللهِ النَّارُ لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ جَزاءً بِما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ (٢٨))
__________________
(١) هو الشيخ عبد الكريم الجيلي.
(٢) البيت الأخير جاء فى ديوان الجيلي ص ٨٩ مسبوقا ببيت هو :
هم القصد والمطلوب السّؤل والمنى |
|
واسمهم للصب فى الحب شافع |