الإشارة : قد تقدم مرارا الحث على عبادة التفكر. وقوله تعالى : (فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ ...) الآية ، كذلك من يظهر بعلم التجريد ، ويتكلم فى أسرار التوحيد ، سخر منه أهل زمانه ، ويقنعون بما عندهم من علم الرّسوم الظاهرة ، وهو علم لا يغنى ولا يفنى ؛ لأن جله يتعلق بمنافع النّاس ، لا بمنافع القلب ، فلا يغنى القلب ، ولا يفنى الحس ، إنما ينفع لطالب الأجور ، لا لطالب الحضور ورفع الستور ، وما مثال من ظفر بعلم القلوب ـ وهو أسرار التوحيد الخاص ـ إلا كمن عنده كنز من الفلوس ، ثم ظفر بالذهب الإبريز ، أو الإكسير ، فكيف يمكن أن يلتفت إلى الفلوس من ظفر بالإكسير؟! ولا يظهر هذا لأهل الظاهر إلا بعد موتهم ، فيؤمنوا به حيث لا ينفعهم.
وبالله التوفيق ، وهو الهادي إلى سواء الطريق ، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.