وقد وردت نفس هذه المضامين وبشكل أوسع في أحاديث النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله وروايات المعصومين عليهمالسلام ، والّتي تشكّل قسماً كبيراً من فقه الإسلام والكتب الفقهية ، ولو أردنا فصل هذه المسائل عن الروايات والكتب الفقهية لما بقي هنا لك ما يعتد به.
وكما تقدم فالكتب الفقهية تقسم إلى ثلاثة أقسام ، وهي «العبادات» ، و «المعاملات» ، و «السياسة».
فالعبادات هي علاقة الخلق بالخالق.
والمعاملات هي علاقة الناس بعضهم ببعض.
كما وأنّ السياسة هي علاقة الناس بالحكومة.
لكن لو دققنا النظر ، لوجدنا أنّ قسم السياسة ليس الوحيد الذي لا يطبق بغياب الحكومة ، بل إنّ المعاملات أيضاً لو لم تكن تحت اشراف الحكومة لحدثت الآلاف من المصاعب والعراقيل ، ولضاعت حقوق المستضعفين ، وانقسم المجتمع إلى قطبين أغنياء وفقراء ، ولعانى الشعب من مئات المشاكل المصطنعة.
بل وحتى العبادات لا تُقام إلّافي ظل حكومة قوية عادلة ، ومن العبادات الحج وهو فريضة ذات صبغة سياسية قوية جدّاً.
وصلاة الجمعة عبادة مهمّة اخرى ، حيث إنّه وفضلاً عن الحضور الواسع لكل شرائح المجتمع فيها ، فإنّ أهم القضايا الإسلامية والسياسية والاجتماعية والثقافية المعاصرة تطرح في خطبتيها.
كما أنّ صلاة الجماعة اليومية لا تخلو من هذا المحتوى أيضاً ، وإن كانت صبغتها السياسية أقل درجة.
وفي سورة الحج إشارة لطيفة إلى هذه الامور ، يقول تعالى : (الَّذِينَ انْ مَكَّنَّاهُمْ فِى الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وآتُوا الزَّكاةَ وأَمَرُوا بِالمَعرُوفِ ونَهَوا عَنِ المُنكَرِ). (الحج / ٤١)
وممّا تقدّم ، لا يبقى هناك أدنى شك في أنّ فصل التعاليم الإسلامية عن المسائل السياسية أمر غير ممكن ، وأنّ الشعارات التي تُطلق في الغرب لفصل الدين عن السياسة