خيرٌ لكَ مِن عبادة سَنة ، صِيامُ نهارها وقيامُ ليلها ، والنّظرُ إلى وجه العالم خيرٌ لكَ من عتق ألف رقبةٍ» (١).
والأحاديث الواردة في هذا المضمار كثيرة ومتنوعة ، يطول المقام بذكرها ونختصر الحديث هنا ونختم هذا البحث بحديث عن لقمان الحكيم ، الذي قُرِنَ كلامُه بكلام الله تعالى في القرآن الكريم ، يقول لقمان لولده : «يا بُنيَّ جالسِ العلماءَ .... فإنّ اللهَ عزوجل يُحيي القُلُوبَ بنورِ الحِكْمَة كما يُحيي الأرضَ بوابل السّماءِ» (٢).
وممّا ذكر ، يتضح جيداً أنّ مسألة التّعليم والتّربية ونشر العلم والثّقافة ، تتميز في المنهج الإسلامي عموماً وفي برنامج الحكومة الإسلاميّة بشكل خاص ، (ومن وظيفة الحكومة الإسلاميّة الإهتمام الفائق بأمر التّربية والتّعليم).
* * *
٥ ـ التّعليم المباشر وغير المباشر
ماذكر في البحوث المتقدمة ، كان في اطار التّربية والتّعليم بالطّرق المباشرة ، كتشكيل حلقات الدّرس ، والمدرسة وأمثال ذلك ، ولكن توجد في الإسلام طرق تعليم غير مباشرة كثيرة ، وتأثيرها من بعض الجهات أوسع وأعمق من تأثير الطرق المباشرة.
فالعبادات الإسلاميّة ، وخاصّة تلك التي تؤدّى بشكل جماعي كصلاة الجماعة والجمعة ومناسك الحج ، من جملة الأمور التي لها تأثير قويّ في التّعليم الجماعي للنّاس.
فصلاة الجماعة الّتي تقام خمس مرّات باليوم واللّيلة تُعَلِّم المسلمين درس الوحدة والإتحاد ورصّ الصفوف والمساواة والأُخوة ، فتجمع شرائح المجتمع المختلفة والتي قد لا تلتقي في السّنة مَّرةً واحدة في غير الصّلاة على أثر المشاغل والمسؤوليات المختلفة التي ينشغلون بها عن بعضهم ، فصلاة الجماعة تعلّم هؤلاء درس وحدة التّفكير ووحدة الهدف في المسائل الاجتماعيّة.
__________________
(١) بحار الأنوار ، ج ١ ، ص ٢٠٣.
(٢) المصدر السابق ، ج ١ ، ص ٢٠٤.