الممتنعين عن أداء الخراج لم يكونوا من المسلمين.
ونفس هذا المضمون ورد في حديث آخر ، ولكن ورد فيه عنوان «النّاس» ، حيث ورد أن «سعيد بن زيد» رأى أنّ قوماً يُعذَّبون لعدم دفعهم «الجزية» فقال : سمعت من رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : «من عذَّبَ النّاس عذّبهُ اللهُ» (١).
٥ ـ ورد تعبير رائع في نهج البلاغة ، خطبة الجهاد ، يقول عليهالسلام : «وَلَقَد بلغنِي أنّ الرّجُلَ مِنهُم كان يدخل على المرأة المسلمة والأخرى المعاهدة فينتزع حِجْلَها وقُلْبَها وقلائدها ورُعْتَها ما تمتنعُ مِنهُ إلّابالإسترجاع والإسترحام .... فلو أنَّ امرءً مُسلماً مات من بعد هذا أسفاً ما كان به ملوماً ، بل كان به عندي جديراً».
(عندما أَخبروا أمير المؤمنين عليهالسلام بأنّ سرايا من جيش معاوية هجموا على الأنبار وقتلوا واليهِ عليها «حسان بن حسان» ونهبوا أموال المسلمين وغير المسلمين ، فدعى أمير المؤمنين النّاس إلى الجهاد وخطب خطبة الجهاد المعروفة ، جاء فيها المقطع أعلاه) (٢).
فهنا نجد أنّ الإمام عليهالسلام يعتبر المرأة المعاهدة والمرأة المسلمة في رعيل واحد في وجوب الدّفاع عنهما ، وأن من مات أسفاً على سلبهما أموالهما فهو عنده جدير ، ولا نجد تعبيراً أبلغ من هذا في الدّفاع عن حيثية أهل الذّمة وأموالهم وأنفسهم وأعراضهم.
٦ ـ روي أنّ علياً أمير المؤمنين عليهالسلام رأى رجلاً مكفوفاً كبيراً يسأل ، فقال أمير المؤمنين عليهالسلام ما هذا؟ قالوا : يا أمير المؤمنين هو نصراني. فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : «استعملتموه حتى إذا كبر وعجز منعتموه ، أَنفقوا عليه من بيت المال».
* * *
تعامل المسلمين مع غير أهل الذمّة :
قد يُتصور أحياناً أنّ غيرَ المسلمين صنفان ، هما «أهل الذمّة» و «المحاربون» ، وعليه فكلُّ من لم يكن من «أهل الذمّة» فهو محارب وأنّ ماله ودمه مهدوران.
__________________
(١) الخراج ، ص ١٢٤ و ١٢٥.
(٢) نهج البلاغة ، الخطبة ٢٧.