والموضوع القابل للتّأمل هو أنّ أبرز أنواع الحكم الإسلامي وهو حكومة الرّسول الأكرم محمّد صلىاللهعليهوآله ، بنيت على أساس ثورة ثقافيّة ، فقد إهتم الرّسول صلىاللهعليهوآله طيلة الثّلاثة عشر عاماً التي قضاها في مكة بالتربية والتّعليم ونشر الثّقافة الإسلاميّة والعقائد ، وقد ربّى أصحابه وعلّمهم بحيث صار كلٌ منهم لُبنَةً أساسية في بناء الحكومة الإسلامية ، أي أنّ الثّورة السياسيّة والاجتماعيّة للنظام الإسلامي قامتا على أساس نفس تلك الثّورة الثّقافية.
ويعتبر إحياء الفكر والتّفكر ، المادة الأولية لكل البرامج الإسلاميّة ، حتّى أنّ الرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآله كان يطلب من مخالفيه هذا الأمر فقط وكما ورد في القرآن المجيد : (قُلْ إِنَّما أَعِظُكُم بِوَاحِدةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّه مَثنَى وَفُرادَى ثُمَّ تَتَفكَّروُا ...). (سبأ / ٤٦)
وفي حديث عن النّبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله : «إنَّ التّفكر حياةُ قَلْبِ البَصيرِ ، كما يمشي المُستَنِيرُ في الظّلمات بالنّور» (١).
وفي حديث عن الإمام عليّ عليهالسلام قال : «بالفِكْرِ تَنْجلي غياهِبُ الأمور» (٢).
وورد في حديث آخر معروف : «تفكُّرُ ساعةٍ خيرٌ من عبادةِ ستّين سنة» (٣).
وعلى هذا الأساس ، سنتناول بالبحث الأمُور التّالية ، مستلهمين من القرآن الكريم :
١ ـ التّربية والتّعليم في الإسلام.
٢ ـ أهميّة العلم لا تنحصر بالعلوم الدينيّة.
٣ ـ تعلم العلوم المفيدة ، في الرّوايات الإسلاميّة.
٤ ـ مقام المعلّم في الإسلام و...
* * *
١ ـ التّربية والتّعليم في الإسلام
وردت في القرآن الكريم آيات كثيرة في «التّعليم» و «التّعلّم» و «نشر العلم» ، وذكر كلّ
__________________
(١) بحار الأنوار ، ج ٨٩ ، ص ١٧.
(٢) غرر الحكم.
(٣) بحار الأنوار ، ج ٦٦ ، ص ٢٩٣.