لكننا نعتقد أنّ هذا التقسيم لا أساس له أصلاً ، لأنّ الولاية كيفما تكون فهي إنشائية ، سواء أنشأها الله تعالى أو النبي صلىاللهعليهوآله أو الأئمّة ، كأن يقول الإمام عليهالسلام : «إنّى قَدْ جَعَلْتُهُ حَاكِمَاً» ، أو أن ينتخبه الناس «على سبيل الفرض» ، فينشئون له الولاية والحكومة.
فكلاهما إنشائي ، والتفاوت يكمن في أنّ إنشاء الحكومة يكون تارة من قبل الله تعالى واخرى من قبل الناس ، والتعبير ب «الإخباري» هنا يحكي عن عدم احاطة القائل بهذا القول ، أو أنّه يدرك الفرق ، إلّاأنّه استعمل هذه العبارات من باب المسامحة.
والتعبير الصحيح هو أنّ الولاية إنشائية في كل الأحوال ، وهي من ضمن المناصب التي لا تتحقق بدون الإنشاء ، والتفاوت هنا هو أنّ إنشاء هذا المنصب والموهبة قد يكون من قبل الله تعالى أو من قبل الناس ، فالمدارس التوحيدية تراه من قبل الله تعالى (وحتى لو كان من قبل الناس فلابدّ أن يكون بإذنه تعالى أيضاً) ، وتتوهمه المدارس الإلحادية بأنّه من قبل الناس.
وعلى هذا ، فالخلاف ليس حول «الإخبار» و «الإنشاء» ، بل حول الذي ينشيء ذلك ، هل هو الله تعالى ، أم الخلق؟ أو بعبارة اخرى ، هل أنّ أساس مشروعية الحكومة الإسلامية يكون بإذن الله تعالى وإجازته في كل مراحل ومراتب الحكومة ، أم بإذن الناس واجازتهم؟
لا شك أنّ الذي يوافق النظرة الإلهيّة هو الأول دون الثاني.
* * *
الحكومة والوكالة :
يقال أحياناً إنّ الحكومة الشعبية نمط من الوكالة ، لا منح منصب ، لأنّ مالك الملوك هو الله تعالى ، فيجب أن يهبه هو تعالى لمن يشاء ، وبعبارة اخرى ، فكما أنّ كل واحد يتمكن أن يوكل غيره في الامور الشخصية ، ولا شك أنّ لهذا الأمر مشروعيته ، فكذا الأمر في القضايا الاجتماعية ، إذ بإمكان الشعب اعتبار شخص ما وكيلاً له لإدارة الشؤون الاجتماعية ، والشعب ملزم بتحمل نتائج تلك الوكالة ما بقيت.
لكن هذا الكلام سقيم لوجوه :