حجة) (لَمَسَّكُمْ فِيَما أخَذْتُم) (الأسرى الذين أخذتموهم لأغراض دنيوية) (عَذابٌ عَظِيمٌ). (الانفال / ٦٨)
ومن مجموع هذه العبارات ، يستفاد بوضوح أنّ أخذ الأسرى لابدّ أنْ يتمّ أولاً بعد السّيطرة الكاملة على العدو (ولو في موقع معين من ميدان القتال) ، وثانياً إنّ أخذ الأسرى يجب أنْ لا يكون لأغراض مادية أي لأخذ الفدية مقابل إطلاق سراحهم فيما بعد ، إذ في كثير من الأحيان تستوجب المصالح الإنسانيّة ومصلحة المسلمين أن يتمّ إطلاق سراح هؤلاء الأسرى بلا مقابل ، وفي مثل هذه الظروف يصعب على المسلمين الذين أسّروا هؤلاء الأسرى لأغراض مادية إطلاق سراحهم والإمتثال للحكم الإلهيّ.
* * *
وفي الآية الثّالثة ، نجد حديث عن مسألة الرفق بالاسرى بما يَدّلُّ على احترام الإسلام لَهُم ولأحاسيسهم ، تقول الآية : (يَا ايُّهَا النَّبىُّ قُلْ لِّمَنْ فِى ايْدِيكُمْ مِّنَ الأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِى قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا اخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُم وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).
وكلمة «خيراً» في الجملة الأولى إشارة إلى الإيمان والإسلام وإتّباع الحقّ ، والمراد من «خيراً» في الجملة الثّانية هو الثّواب الإلهي الماديّ والمعنوي الذي يحصل عليه هؤلاء في ظلّ الإيمان بالله ، وهذا أفضل بكثير من المبالغ التي دفعوها بعنوان الفدية أو الّتي خسروها في ساحة الحرب.
وجملة «إنْ يَعْلَمِ اللهُ» وكما ذكرنا ذلك مِراراً ، بمعنى التّحقق ـ المعلوم ـ إذ إنّ علم الله شمل كلّ شيء من الأزل ، ولا يحدث شيءٌ في علمه أو يزيد أو ينقص ، إلّاالمعلومات التي تتحقق على أثر مرور الزّمن مثل وجود نيّة أوْ اعتقاد في قلب الأسير.
ومضافاً إلى هذا الثّواب ، فإن لطفاً إلهياً آخر يشملهم وهو غفران ذنوبهم ، والذي يُشغل بالهم لا محالة بعد إيمانهم ويُعذب روحهم ، فالمغفرة الإلهيّة تسكين لهم.
كان هذا تفسيراً مختصراً للآيات القرآنيّة الواردة في الأسرى ، واستنتاجاتها.
* * *