ولاتقتلوا وليداً ولا متبتلاً في شاهق ولاتحرقوا النخل ولا تغرقوه بالماء ولا تقطعوا شجرة مثمرة ولا تحرقوا زرعاً وأنّكم لا تدرون لعلكم تحتاجون إليه ولا تعقروا من البهائم ممّا يؤكل لحمه إلّاما لابدّ لكم من أكله وكان ينهى عن إلقاء السم في بلاد المشركين ورسول الله صلىاللهعليهوآله نفسه لم يتعامل مع الأعداء بغير هذا التّعامل الإنساني ، فلم يتوسل بالإغارة لتحقيق النصر ، وكان يرى جهاد النّفس مقدّم على كل شيء.
والتّدقيق في هذه الإرشادات الدّقيقة جدّاً ، يبيّن بوضوح أنّ الإسلام لم يغفل عن المسائل الأخلاقيّة المرتبطة بالحرب أبداً ، وإن شخص الرسول صلىاللهعليهوآله كان يعمل بها بحذافيرها تجاه العدو ، لا مثل الأشخاص الذين يدافعون عن حقوق الإنسان بألسنتهم فقط ، وأمّا أعمالهم فلا تشير إلى شيء من ذلك.
ومضافاً إلى ذلك فإنّ التأكيد على أنّ جهاد النّفس أفضل الجهاد ، إشارة إلى أنّ المسلم الحقيقي هو المسلم الذي يراعي الأصول الإنسانية في ميدان الحرب.
وممّا ذكر يتّضح أنّ الإسلام يمنع من استخدام الأسلحة الكيميائية وكل سلاح ذي دمار شامل ، وعلى الحكومة الإسلاميّة أن تجتنب استخدام مثل هذه الأسلحة.
وفي حديث آخر عن أمير المؤمنين علي عليهالسلام قال : «فإذا كانت الهزيمة بإذن الله فلا تقتلوا مُدْبِراً ولا تصيبوا مُعْوراً ولا تجهزوا على جريح ولا تهيجوا النّساء بأذى وإن شَتَمْنَ أعراضكم وسببنَ امراءَكُم» (١).
ومن خلال التأمل في حديث النّبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله الذي ذكرناه وأوامره إلى الجيش وقادته قبل الحرب ، يتضح لنا أنّ هذه الإرشادات إنّما هي من متبنيات الإسلام الأساسيّة في الجهاد والحرب ضد الأعداء ، وعلى الحكومة الإسلاميّة أن تعمل كلّ ما بوسعها من أجل إحياء تلك المباني والمحافظة عليها.
* * *
__________________
(١) نهج البلاغة ، الرسالة ١٤.