تعبيرات جمعت فيها أكثر الشروط المذكورة.
١ ـ ففي موضع نجد القرآن الكريم يعتبر أنّ اتّباع الهوى يمنع من الحكم بالعدل ، حيث يقول تعالى :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ للهِ وَلَو عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالاقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَولَى بِهِما فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا). (النساء / ١٣٥)
٢ ـ ونفس هذا المعنى جاء بشكل آخر في قصه حكومة وقضاء داود عليهالسلام ، حيث خوطب داود بقوله تعالى :
(يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِى الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ). (ص / ٢٦)
وبذلك يعتبر القرآن أنّ الورع عن «أمِّ المفاسد» ـ وهو اتباع هوى النفس ـ يمثِّل أحد الشروط الأساسيّة للحكومة بالحق ، والنقطة المقابلة لها ، هي الدرجة العالية من التقوى والمانعة من الانحراف عن مسير العدالة والحق ، إلى درجة أنَّ أقوى العواطف الإنسانية كالعلاقات الأُسرية لا تستطيع أن تؤثر سلباً في تلك التقوى.
٣ ـ وفي موضع آخر من القرآن ـ نجد أنّه يعتبر الحكم بما أنزل الله من شروط الإيمان والعدالة (١) ، ويؤكد على نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله أن يكون حكمه مطابقاً لما علّمه الله (إِنَّا أَنْزَلَنَا الَيكَ الْكِتَابَ بِالحَقِّ لِتَحْكُمَ بِيْنَ النَّاسِ بِمَا أَراكَ اللهُ). (النساء / ١٠٥)
٤ ـ وفي موضع آخر نجد القرآن الكريم يُحذّرُ النبي صلىاللهعليهوآله من اتباع أهواء الناس ، فيقول : (وأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللهُ الَيْكَ). (المائدة / ٤٩)
٥ ـ كما ويحذرهُ من أن تؤثر العداءات الشخصية في القاضي فيحكم بغير عدل ، بل لابدّ أن يكون الحكم والشهادة مطابقين دائماً للعدل والحق ، سواءً كانا في حق الصديق أو كانا
__________________
(١) المائدة ، ٤٤ ، ٤٥ ، ٤٧.