وذلك لأنّ المجاهدين يتألفون من قسمين : «القوّات العسكرية» و «القوّات الشعبية» وتعتبر الأخيرة الظهير والسند لما وراء ميدان القتل والتي تضمّ في الواقع كل المجتمع.
٤ ـ ونقرأ في الآية التي تليها عبارة تشير إلى المؤمنين الحقيقيين : (الَّذِينَ انْ مَّكَّنَّاهُمْ فِى الأرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وأَمَرُوا بِالمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ). (الحج / ٤١)
وتُشير هذه الآية ضمناً إلى أنّ إقامة الصلاة وايتاء الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (في معناها الواسع والعام) لا يتيسّر إلّاعن طريق تشكيل الحكومة ، ولذا فالآية تصف المؤمنين الحقيقيين بأنّهم عندما يمتلكون القدرة ويصلون إلى تشكيل الحكومة فإنّهم سيقيمون هذه الفرائض الإلهيّة الكبيرة ، وهنا يتبيّن لنا دور الحكومة في إصلاح المجتمع من وجهة نظر الإسلام.
٥ ـ تشير الآيات (٤٣ ـ ٥٦ من سورة يوسف) بوضوح إلى حدثٍ يتبيّن من خلاله ضرورة الحكومة ، وذلك أنّ ملك مصر يرى مناماً ويطلب من يوسف الذي كان وقتها في السجن أن يفسّر له تلك الرؤيا بدقّة بعد أن ذاع صيته في تفسير الأحلام ، فيكشف يوسف عليهالسلام شيئاً من مستقبل مصر من خلال تلك الرؤيا حيث ينتظر الناس سبع سنوات من القحط والجوع ، وإذا مرّوا من تلك السنين بسلام فإنّهم سيُلاقون سنين الخير والرفاه ، ثم يُبيّن كيفية إجراء الأعمال الضرورية لمواجهة تلك السنين الصعبة وطرق تحضير وخزن المواد الغذائية وطريقة الاستهلاك ، فيطلق الملك سراحه ويخرج من السجن ثم يعيّنه مسؤولاً عن خزانة مصر ، وهكذا يتمّ انقاذ شعب كبير بأكمله وذلك بمديرية النبي يوسف عليهالسلام الصحيحة جنباً إلى جنب مع ملك مصر.
وتبيّن هذه القصة بشكل لا لبس فيه ضرورة وجود الحكومة ذات الاطلاع والتدبير لتقوم بمهامها لإدارة المجتمعات الإنسانية وخصوصاً في الوقائع الصعبة ، وأنّه إذا ما حُرمت هذه المجتمعات من الحكومات من ذلك النوع فإنّها لا محالة ستقع في مشاكل عويصة ممّا ستُسبّب لها اضراراً جسيمة لا يمكن تعويضها.
٦ ـ نلاحظ الكثير من الآيات القرآنية تشير إلى أنّ الحكومة الإلهيّة إنّما هي نعمة من نِعَمِ