«انْطَلِقْ عَلى تَقْوَى اللهِ وَحْدَهُ
لا شَرِيْكَ لَهُ ، وَلا تُرَوِّعَنَّ مُسْلِماً ، وَلا تَجْتازَنَّ عَلَيْهِ
كارِهاً ، وَلا تَأخُذَنَّ مِنْهُ اكْثَرَ مِنْ حَقِّ اللهِ فِي مالِهِ فَاذا
قَدِمْتَ عَلَى الْحَيِّ فَانْزِلْ بِمائِهِمْ مِنْ غَيْرِ انْ تُخالِطَ ابْياتَهُمْ
، ثُمَّ امْضِ الَيْهِمْ بِالسَّكِيْنَةِ وَالْوَقارِ حَتّى تَقُومَ بَيْنَهُمْ ،
فَتُسَلِّمَ عَلَيْهِمْ وَلا تُخْدِجْ بِالتَّحِيَّةِ لَهُمْ ، ثُمَّ تَقُولَ :
عِبادَ اللهِ! ارْسَلني الَيْكُمْ وَلِيُّ اللهِ وَخَلِيْفَتُهُ لآخُذَ مِنْكُمْ
حَقَّ اللهِ في امْوالِكُمْ فَهَلْ للهِ فِي امْوالِكُمْ مِنَ حَقٍّ فَتُؤَدُّوهُ
الى وَلِيِّهِ ، فَانْ قالَ قائِل : لا ، فَلا تُراجِعْهُ ، وَانْ انْعَمَ لَكَ
مُنْعِمٌ فَانْطَلِقْ مَعَهُ مِنْ غَيْرِ انْ تُخِيْفَهُ او تُوَعِّدَهُ اوْ
تُعَسِّفَه أو تُرهقه» .
وبعد هذه
التعليمات ، يوصيه الإمام عليهالسلام بوصايا مؤكدّة عن كيفية الإنتخاب العادل لزكاة بيت
المال من بين الأموال الجيدة والسقيمة ، ورعاية الرفق والمداراة والمحبة ، وغير
ذلك ممّا يعتبر نموذجاً واضحاً على حاكمية القيم الإسلامية في هذه الأمور في
المعاملة مع الناس.
قد يتصور البعض
أنّ طريقة المعاملة هذه في مسألة الضرائب الإسلامية توجب الضعف والفتور لدى الناس
، وتختلف كثيراً عمّا نشاهده اليوم من كيفية جمع الضرائب.
ولكن لا ينبغي
الغفلة عن أنّ هذه التعليمات واردة في المجتمع الإسلامي الذي تربى أفراده تربية
إسلامية وشعروا فيه بالمسؤولية.
كما أننا نجد
الآن وفي بعض المجتمعات غير الإسلامية ، كثيراً من الأشخاص ـ وبسبب الثقافة
الحاكمة هناك ـ يدفعون الضرائب عن طيب خاطر من دون أن يطالبهم أحد ، وأكثر من ذلك
وأفضل ما يجري في مجتمعنا الإسلامي حيث تأتي الناس زرافاتٍ ووحداناً إلى مراجع
الدين ليؤدوا ما عليهم من الخمس الواجب وبدقة متناهية حتى يحسبوا حساب عدّة كيلو
غرامات من السكّر أو الشاي الموجودة في بيوتهم ممّا زاد عن مؤونة السنة ، حيث إنّ
النّاس يشعرون جميعاً بالمسؤولية ، وهكذا بالنسبة لزكاة الفطرة وشعور الناس
بالمسؤولية تجاهها.
وكلما انتشرت
وتعمقت هذه الثقافة والشعور بالمسؤولية اتّضح الجواب عن هذا الإشكال كاملاً.
__________________