المقدّمات ؛ وأمّا المقدّمة الثّالثة (انتفاء قدر المتيقّن في مقام التّخاطب) فهي بكلا قسميه غير مانعة عن انعقاد الإطلاق ، لعدم كونه بيانا على التّقييد.
وهم ودفع :
أمّا الوهم ، فقال الشّيخ الأنصاري قدسسره : «وإنّما حمل على الإطلاق والإشاعة بواسطة عدم الدّليل ، فالإطلاق حينئذ بمنزلة الاصول العمليّة في قبال الدّليل». (١)
وقد توهّم أنّ مراده قدسسره عدم جواز التّمسّك بالإطلاقات ، بعد الظّفر بالدّليل وهو المقيّد المنفصل ، نظير عدم جواز التّمسّك بالاصول العمليّة من الاستصحاب والاشتغال والبراءة ، بعد الظّفر بالدّليل وهو الكتاب والسّنة ؛ وذلك ، لانخرام المقدّمة الاولى من الحكمة بالظّفر بالمقيّد المنفصل الكاشف عن عدم كون المتكلّم في مقام بيان تمام المراد ، بل كان في مقام الإهمال والإجمال ، مع أنّ السّيرة استقرّت على التّمسّك بها مطلقا ولو بعد الظّفر والاطّلاع.
وبالجملة : المتوهّم يقول : إنّ مراده قدسسره هو كون العثور على القيد مستلزما لسقوط الإطلاق ، وصيرورة الكلام المشتمل على المطلق واردا في مقام الإهمال أو الإجمال بالنّسبة إلى قيود أخر ، مع أنّ السّيرة قامت على التّمسّك بالإطلاقات حتّى بعد العثور ، ومقتضى هذه السّيرة عدم سقوط الإطلاقات ، بل كونها باقية على الحجّيّة.
أمّا الدّفع ، فيقال : إنّ المراد من كون المتكلّم في مقام البيان هو كونه في مقام الإظهار والإعلان لغرض الإفهام ولو لم يكن عن جدّ ، بل كان لتأسيس القانون وضرب القاعدة.
__________________
(١) مطارح الأنظار : ص ٢١٨ ، ص ٢١.