من حيث هي حتّى لوازمها ، كالزّوجيّة للأربعة ، والفرديّة للثّلاثة ، فليست الأربعة من حيث هي ، زوجا ولا فردا ، كما أنّ الماهيّة ـ أيضا ـ ليست من حيث هي ، موجودة ولا ، لا موجودة ، ومن هنا قالوا : بعدم استحالة ارتفاعهما عن الماهيّة من حيث هي ، وبلحاظ المرتبة وحدّ الذّات ، وأنّ المستحيل هو ارتفاع النّقيضين عنها بلحاظ الواقع مطلقا وبجميع مراتبه ؛ إذ معنى ارتفاعهما عن المرتبة هو عدم العينيّة أو الجزئيّة للماهيّة ، وهذا أمر صحيح مطابق للواقع.
وبالجملة : فكما أنّ الوجود والعدم ـ مثلا ـ ليس أحدهما عين الآخر ولا جزئه ، بل الوجود وجود ، والعدم عدم ، كذلك كلّ واحد منهما بالنّسبة إلى الماهيّة ، كالإنسان وغيره ، وأضف إلى ذلك ، أنّ نقيض الوجود في المرتبة هو عدم الوجود فيها ، لا العدم مطلقا ، هذا بناء على أن يكون الظّرف (في المرتبة) قيدا للمنفي (الوجود) ، لا النّفي (العدم) ، وبناء على أن يكون الرّفع ، رفع المقيّد بالإضافة ، لا الرّفع المقيّد بالتّوصيف ؛ بداهة ، أنّ نقيض كلّ شيء رفعه ، ورفع الوجود في المرتبة هو عدم الوجود فيها لا العدم ، وعليه : فمع كذب أخذ الوجود في المرتبة ، يصدق عدم أخذه فيها.
والنّتيجة : أنّ ما هما مرتفعان (الوجود في المرتبة ، والعدم) ليسا بنقيضين ، وما هما نقيضان (الوجود في المرتبة ، وعدم الوجود فيها) ليسا بمرتفعين ، بل أحدهما كاذب ، والآخر صادق.
إذا عرفت هذين الأمرين ، فاعلم ، أنّهم قالوا : إن للماهيّة بالنّسبة إلى ما يقارنها ، ويخالطها من الخصوصيّات ، اعتبارات ثلاث :
الأوّل : أن تؤخذ «بشرط شيء» ، بمعنى : أنّ الماهيّة قد تؤخذ بما هي مقارنة