فلو ردع عنها لا يتأتّى التّقرّب بها إلى ساحته والزّلفى لدى حضرته ؛ إذ المفروض ، أنّ المولى يتوصّل بالنّهي إلى عدمها ، كما يتسبّب بالأمر إلى وجودها ، ومعه كيف يتقرّب العبد بعمل يريد المولى عدمه وينهى ويزجر عن فعله؟!
وبالجملة : ما هو مطلوب عدمه كيف يمكن التّقرّب به؟!
ونتيجة ذلك : هو تحقّق الثّمرة ؛ إذ تفسد العبادة بالنّهي الغيريّ ، بناء على القول بالاقتضاء ـ خلافا للمحقّق النّائيني قدسسره على ما سيأتي كلامه ـ وتصحّ بناء على عدمه ، لما ذكرنا : من تحقّق العباديّة بالصّلوح للتّعبّد وبالإتيان للتّقرّب بلا احتياج إلى الأمر.
ثانيهما : ما عن المحقّق النّائيني قدسسره حاصله : أنّ العبادة في مورد التّزاحم صحيحة حتّى على القول بالاقتضاء ؛ وذلك ، لكون النّهي حينئذ غيريّا تبعيّا ناشئا من المقدّميّة أو الملازمة ، لا نفسيّا ناشئا عن المبغوضيّة المانعة عن التّقرّب به. (١)
وفيه : ما عرفت آنفا ، من أنّ العبادة ممّا يحتاج إلى الإتيان بها للتّقرّب ، وأنّ النّهي مطلقا ـ ولو كان غيريّا ـ مانع عن ذلك.
ثمّ إنّه يظهر من كلام المحقّق الثّاني قدسسره دفع ما أورده الشّيخ البهائي قدسسره بأنّه يمكن تصوير الأمر في صورة المزاحمة المذكورة.
توضيحه : أنّه قدسسره قد فصّل في المقام ، حيث أنكر الثّمرة في صورة مزاحمة الواجب المضيّق المهمّ ـ كالصّلاة في آخر الوقت ـ للمضيّق الأهمّ ـ كالإزالة ـ فقال : بفساد المهمّ حتّى على القول بعدم الاقتضاء ؛ وذلك ، لأنّ الأمر بالأهمّ يقتضي عدم الأمر بالمهمّ ، فيكون فاسدا لأجل ذلك ، ولكن أثبتها في صورة مزاحمة الواجب
__________________
(١) راجع ، أجود التّقريرات : ج ١ ، ص ٢٦٢.