وصيرورة الشّيء مشكوك الحجيّة ، بالشّكّ في استقرار السّيرة وبناء العقلاء ، مساوق للقطع بعدم الحجيّة وصيرورة الشّيء مقطوعا عدم حجيّة ، فتأمّل جيّدا.
ولقد أجاد الإمام الرّاحل فيما أفاده في المقام ، حيث قال : «إنّ قوانينه (الشّارع) الكليّة مذكورة في الكتاب والسّنّة ، منفصلة عن مخصّصاتها ومقيّداتها وتكون تلك الأحكام المدوّنة فيهما في معرض التّخصيص والتّقييد ، كما هو الحال في القوانين السّياسيّة والمدنيّة عند العقلاء ، وما هذا حاله ، لا يمكن التّمسّك فيها بالاصول بمجرّد العثور على عمومات أو مطلقات من غير فحص ، لما تقدّم من أنّ مجرّد ظهور الكلام وإجراء أصالة الحقيقة وعدم القرينة ، لا يفيد شيئا حتّى يحرز أنّ الإرادة الاستعماليّة مطابقة للإرادة الجديّة». (١)
كما أجاد شيخنا الاستاذ الآملي قدسسره حيث قال : إنّ وجه الحجّيّة هو قيام السّيرة على اتّباع العامّ لأجل كشفه نوعا عن إرادته له ، وعلى تقدير المعرضيّة لورود المخصّص كالأخبار المرويّة عنهم عليهمالسلام لا بناء ولا سيرة من العقلاء على الاتّباع ، فلا مجال حينئذ للحجيّة لعدم استقرار ذلك الظّهور الكاشف عن الإرادة الجدّيّة. (٢)
ثمّ إنّ في المقام استدلالا آخر على وجوب الفحص ، وهو وجود العلم الإجماليّ بورود مخصّصات كثيرة ، أو بورود قرائن كثيرة على خلاف ظواهر الكتاب والسّنّة ، ومقتضى هذا العلم عدم جواز العمل بظواهرهما إلّا بعد الفحص وعدم العثور على المخصّصات أو القرائن المخالفتين لتلك الظّواهر ، وبهذا الوجه ـ أيضا ـ يقال : بعدم
__________________
(١) تهذيب الاصول : ج ٢ ، ص ٣٧.
(٢) راجع ، منتهى الأفكار : ج ٢ ، ص ٢٧٧ و ٢٧٨.