ثالثها : البدليّ ، واللّفظ المفيد له هو «أيّ» سواء كان استفهاميّا ، كما في قوله تعالى (أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها)(١) أو غيره ، كقوله تعالى (أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى)(٢) ويظهر من هذا التّقسيم ، أنّ العامّ يفترق عن الإطلاق ، فإنّه لا ينقسم إلى هذه الأقسام الثّلاثة ؛ إذ لا يمكن إثبات واحد منها بمقدّمات الحكمة.
توضيح الفرق : أنّ العامّ قد يعمّ مصاديق المتعلّق وأفراده بأسرها عرضا ، لا واحدا منها فقط على نحو البدليّة ، ولا «الكلّ» و «المجموع» بما هو مجموع وبنعت الاجتماع ، فيسمّى عامّا استغراقيّا ، يكون لكلّ واحد واحد من الأفراد امتثال وعصيان على حدة ، ونتيجته ، تحقّق الامتثالات والعصيانات بعدد أفراد المتعلّق.
وقد يعمّ أفراد المتعلّق بأسرها عرضا ، لكن لا على وجه العرضيّة ، بل بنعت الوحدة ووصف الاجتماع ، بحيث تصير الأفراد كالأجزاء ، فيسمّى عامّا مجموعيّا يكون للمجموع امتثال وعصيان ، ونتيجته ، تحقّق امتثال واحد عند إتيان المجموع ، وتحقّق عصيان واحد عند تركه.
وقد يعمّ الجميع على نحو البدليّة ، بمعنى : أنّه يشمل الواحد لا بعينه ، فيسمّى عامّا بدليّا ، يكون هنا ـ أيضا ـ امتثال وعصيان واحد ، كالعامّ المجموعيّ ، إلّا أنّ الامتثال يتحقّق بإتيان واحد فقط ، والعصيان يتحقّق بترك الجميع وكلّ واحد ، بخلاف العامّ المجموعيّ ، فإن الامتثال هناك يتحقّق بإتيان المجموع ، والعصيان يتحقّق بتركه. هذا في العامّ.
__________________
(١) سورة النّمل (٢٧) : الآية ٣٨.
(٢) سورة الإسراء (١٧) : الآية ١١٠.