ومنه ينقدح فساد ما حكي عن بعض الشّافعيّة من أنّ : «الغنم السّائمة زكاة» يدلّ على عدم الزّكاة في : «الإبل المعلوفة» أيضا ، كما يدلّ على عدمها في الغنم المعلوفة. (١)
وأمّا في التّقسيم الثّالث : فقد خرج الوصف الذّاتي عن محلّ النّزاع ؛ لما ذكر من أنّه يعتبر في المفهوم بقاء الموضوع بعد انتفاء الوصف ، والوصف الذّاتي ليس كذلك ؛ ضرورة ، أنّ الموضوع والذّات ينتفي رأسا بانتفاء الوصف الذّاتي.
إذا عرفت تلك الامور الثّلاثة ، فاعلم ، أنّ الأقوال في المسألة ثلاثة :
الأوّل : ثبوت المفهوم للأوصاف وما بحكمها مطلقا.
الثّاني : نفي المفهوم عنها مطلقا ، كما ذهب إليه المشهور (٢) وتبعهم مشايخنا العظام وأساطين الاصول ، وهذا هو الحقّ.
الثّالث : التّفصيل بين ثبوت المفهوم لها من جهة دلالة تقييد الموضوع ، أو المتعلّق بالوصف على عدم ثبوت الحكم له على نحو الإطلاق ونفي المفهوم عنها من جهة عدم دلالة الوصف على انتفاء الحكم عن غيره ، كما هو مختار بعض الأعاظم قدسسره. (٣)
وكيف كان ، فالمهمّ هو ذكر أدلّة هذه الأقوال ، فنقول :
أمّا القول الأوّل (ثبوت المفهوم للأوصاف مطلقا) فقد استدلّ له بوجوه :
منها : تبادر الانتفاء عند الانتفاء وهو المفهوم ، من مثل الوصف ، فيثبت وضعه له.
__________________
(١) راجع ، المنخول للغزالي ، ص ٢٢٢ ؛ ومطارح الأنظار : ص ١٨٢ ، س ٢٢ و ٢٣.
(٢) راجع ، مقالات الاصول : ج ١ ، ص ١٤٢.
(٣) راجع ، محاضرات في اصول الفقه : ج ٥ ، ص ١٣٣ و ١٣٤.