فتحصّل من مجموع ما ذكرنا : أنّ أخذ قصد الأمر في المتعلّق ، ليس بممتنع ذاتا ، لا من ناحية تقدّم الشّيء على نفسه ، ولا من قبل الدّور ، ولا من ناحية تقدّم الشّيء على نفسه في مرتبة الإنشاء والفعلية والامتثال.
هذا تمام الكلام في القول بالامتناع الذّاتي.
القول الثّاني : (امتناعه غيريّا) قد استدلّ عليه : بأنّ الأمر والتّكليف بالمتعلّق الّذي اخذ فيه قصد أمره شطرا أو شرطا ، محال ؛ لاستحالة امتثاله.
توضيحه على ما أشار إليه المحقّق الخراساني قدسسره : هو أنّ الأمر لا يدعو إلّا إلى متعلّقه ، والمفروض : أنّه هنا هو المقيّد بقصد الأمر ، وذلك كالصّلاة ، فإنّ نفسها حسب الفرض لا تكون مأمورا بها كي يقصد المأمور امتثال أمرها ، بل المأمور به هو الصّلاة مقيّدة بقصد الأمر ، ومن المعلوم ، أنّ الدّعوة إلى امتثال المقيّد محال ؛ للزوم داعويّة الأمر إلى داعويّة نفسه ومحرّكيّته إلى محرّكيّة نفسه ، وهذا تقدّم الشّيء على نفسه برتبتين ، وعليّة الشّيء لعليّة نفسه. (١)
هذا ، ولكن الجواب عن هذا الاستدلال يظهر بتوضيح أمرين :
أحدهما : قد ذكر غير مرّة ، أنّ المتعلّق للحكم هو نفس الطّبيعة ، والكلّيّ الطّبيعي المحقّق في الذّهن ، لا بمعنى البشرطشيء وهو بشرط وجود الذّهني ، حتّى يقال : بامتناع الامتثال على هذا الفرض ، بل المراد نفس الطّبيعة القابلة للانطباق على كثيرين.
وإن شئت فقل : إنّ المتعلّق أمر ذهني يكون الأمر به بعثا إلى ايجاده خارجا ،
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ١٠٩.