كانَ فاحِشَةً) [الآية ٢٢] بلفظ الماضي ، مع أن نكاح منكوحة الأب فاحشة في الحال وفي الاستقبال إلى يوم القيامة.
قلنا : كان تارة تستعمل للماضي المنقطع كقوله : كان زيد غنيا ، وكان الخزف طينا ، وتارة تستعمل للماضي المستمر المتصل للحال كقول أبي جندب الهذلي :
وكنت إذا جاري دعا لمضوفة |
|
أشمّر حتّى ينصف الساق مئزري |
أي وإني الآن ، لأنه إنما يتمدح بصفة ثابتة له في الحال ، لا بصفة زائلة ذاهبة ، والمضوفة بالفاء : الأمر الذي يشفق منه ، والقاف تصحيف ، ومنه قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) (٣٣) ـ (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً) (٢٧).
وما أشبه ذلك وما نحن فيه من هذا القبيل ، وسيأتي الكلام في «كان» بعد هذا إن شاء الله في قوله تعالى : (إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً) (١٠٣).
فإن قيل : لم قال تعالى : (وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ) [الآية ٢٣] قيد التحريم بكون الربيبة في حجر زوج أمها ، والحرمة ثابتة مطلقا ، وإن لم تكن في حجره؟
قلنا : أخرج ذلك مخرج العادة والغالب لا مخرج الشرط والقيد. ولهذا اكتفى في موضع الإحلال بنفي الدخول في قوله تعالى (فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ) [الآية ٢٣] ، فتأمل.
فإن قيل : لمّا قال تعالى : (مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَ) [الآية ٢٣] ثم قال : (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ) [الآية ٢٤] ، علم ، من مجموع ذلك ، أن الربيبة لا تحرم إذا لم يدخل بأمها ، فما الحكمة في قوله تعالى : (فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ) [الآية ٢٣]؟
قلنا : فائدته أن لا يتوهم أن قيد الدخول خرج مخرج العادة والغالب ، لا مخرج الشرط كما في الحجر.
فإن قيل : لم قال تعالى في نكاح الإماء (فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) [الآية ٢٥] والمهر ملك المولى ، وإنما يجب تسليمه إلى المولى لا إلى الأمة؟