مرددا بين التعيين والتخيير ، فتأمل جيدا فإنّ المقام من مزالّ الأقدام ، نعم ما ذكرنا في الشك في أجزاء المركب الخارجي من أنّ الأصل فيه الاشتغال بمقتضى حكم العقل مع قطع النظر عن النقل جار هنا أيضا ، لكن البراءة النقلية كافية في المقامين ، فتذكر.
قوله : ثم إنّ مرجع الشك في المانعية إلى الشك في شرطية عدمه (١).
قد مرّ سابقا منع صحة هذه الدعوى وأنه فرق بين أن يعتبر عدم شيء شرطا أو يعتبر وجوده مانعا ، فإنّ الشرط ما يكون له دخل في تأثير المقتضي والمانع ما يكون وجوده مؤثرا في عدم تأثيره ، وليس عدمه دخيلا في التأثير ، وإنما يستند التأثير إلى السبب في حال عدمه.
ثم لا يخفى أنّ شرطية عدم شيء لشيء إنما يتصوّر في المجعولات الشرعية فإنّه تابع للجعل والاعتبار ، وأما في العقليات فلا يمكن فرض كون العدم مؤثرا في الوجود بوجه على ما تقرر في محلّه ، وحينئذ نقول إنّ الشك في المانع وإن لم يرجع إلى الشك في الشرط إلّا أنّ حكمه حكمه في المسائل الأربع في البراءة والاحتياط ويعرف سوق أدلة الطرفين بالمقايسة ، لكن يمكن أن يفرّق بينهما في خصوص الشبهة الموضوعية ويقال بجريان أصل البراءة في المانع المشكوك مع أنّ الأصل في الشك في الشرطية هو الاحتياط ، وجه الفرق أنّ الشرط لمّا كان وجوده دخيلا في تحقق المأمور به كان بهذا الاعتبار واقعا في حيّز الأمر يجب إحرازه في مقام الامتثال بعد العلم بالشرطية ، وهذا بخلاف المانع فإنّ عدمه ليس في حيّز الأمر بناء على ما عرفت من عدم رجوع كون
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٣٥٩.