قوله : فالأقوى في المسألة عدم جواز الارتكاب إذا قصد ذلك من أول الأمر (١).
قد عرفت أنّ الأقوى جواز الارتكاب ، ونمنع صدق المعصية واستحقاق العقاب بعد دليل الترخيص على ما قررنا في الوجه الخامس فإنه يعدّ العلم بالنسبة إلى جميع الأطراف بمنزلة العدم من أوّلها إلى آخرها بنسبة واحدة ، وما ذكره (رحمهالله) في توجيهه بقوله والتحقيق عدم جواز ارتكاب الكل إلى آخره مدخول بما مرّ غير مرة من جواز ترخيص الشارع ارتكاب المحرّم الواقعي ظاهرا لعذر عقلي أو جعلي بمعنى عدم المؤاخذة عليه حتى في الشبهة المحصورة أيضا ، بل في صورة العلم التفصيلي أيضا في مثل القطّاع ونحوه ، وأنّ حكم العقل بالتنجز حال العلم بالواقع إجمالا أو تفصيلا معلّق على عدم ترخيص الشارع ارتكابه على ما مرّ بيانه مشروحا في رسالة القطع ، ولمّا امتنع ذلك عند المصنف للزوم التناقض على زعمه جعل التحقيق هنا عدم جواز ارتكاب جميع الأطراف ، بل عدم جواز ترخيص ارتكاب البعض أيضا إلّا بجعل بعض آخر منها بدلا عن الحرام على ما بيّنه في الشبهة المحصورة ونحن قدّمنا ما فيه.
ثم إنّه يستفاد من تحقيقه هذا عدم جواز ارتكاب الجميع مطلقا ولو لم يقصد ذلك من أول الأمر أيضا ، فلا يناسب جعله دليلا لعدم الجواز في خصوص فرض القصد إلى ارتكاب الجميع من أول الأمر.
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٢٦٦.