اللهمّ إلّا أن يكتفى في الاستيناس بما ذكره في المتن بعيد هذا من دلالة الرواية على عدم جواز ارتكاب شيء من أطراف الشبهة قبل القرعة ، وفيه تأمل ، وكيف كان فقد ظهر مما ذكرنا أنه لا يستفاد من شيء من الأخبار المذكورة وجوب الاحتياط في الشبهة المحصورة التحريمية فضلا عن أن يحصل منها الاستقراء القطعي أو الظني أو يستشمّ منها الاستقراء.
قوله : لا بدّ من طرح الرواية أو العمل بها في خصوص موردها (١).
فإن قلت : لم لا تقول بالقرعة في جميع موارد الشبهة المحصورة بعمومات القرعة وأنها لكل أمر مشكل أو مشتبه فإنّها شاملة للشبهة المحصورة. قلت : أوّلا : أنّ أخبار القرعة كعمومات نفي الضرر ونحوها لا يعمل بها إلّا في موارد عمل الأصحاب بها على ما هو مقرر في محلّه مع إشكالاته وأجوبتها. وثانيا : أنّ النسبة بين عموم أخبار القرعة وأدلة كل واحد من الأصول عموم مطلق فيخصّص بها ويقدّم على القرعة ، لكن على هذا لا يبقى مورد لعموم دليل القرعة ، إذ ما من مورد إلّا ويجري فيه أحد الأصول من الاستصحاب أو البراءة أو الاحتياط أو التخيير (٢).
ويستفاد من كلام المصنف في أواخر رسالة الاستصحاب جواب آخر للسؤال وهو أنّ أدلة الأصول حاكمة على دليل القرعة ، وهو مشكل بل لو قيل
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٢٢٣.
(٢) أقول : لنا موارد لا يجري فيه أصل من الأصول كما إذا تردد مال بين شخصين مثلا. فإن قيل : إنّ تخصيصها بمثل هذا المورد حمل على فرد نادر ، وبعبارة أخرى يلزم من إخراج مجاري الأصول من عمومات القرعة التخصيص الأكثر المستهجن. قلنا : لنا أن نستكشف من عدم إعمال الفقهاء للقرعة في موارد جريان الأصول أنّ مورد القرعة الأمر المشتبه الحكم مطلقا من الحكم الواقعي والظاهري معا ، فتأمل.