قوله : فيسلم تلك الأدلة فتأمل (١).
يوجد في بعض النسخ قوله فتأمّل ، ويمكن أن يكون إشارة إلى ما ذكرنا سابقا في الشبهة التحريمية في الشك في التكليف من أنّ المراد بالهلكة في خبر التثليث هو الوقوع في المحرم الواقعي وهو مرغوب عنه مرجوح لا العقاب ولا المفسدة الذاتية فتأمل. ويمكن أن يكون إشارة إلى أنّ مثل قوله «كل شيء لك حلال» كما أنه ينفي العقاب على ارتكاب الشبهة البدوية كذلك ينفي المفسدة الذاتية الاخروية بالتدارك وبه جاز الترخيص وإلّا كان الاحتياط واجبا بحكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل ، فعلى هذا لا يشمل خبر التثليث للشبهة البدوية أصلا.
ثم لا يخفى أنّ ما ذكره المصنف من قوله ولمّا كان دفع الضرر غير العقاب غير لازم إجماعا كان الاجتناب عن الشبهة المجرّدة غير واجب بل مستحبا مبني على مذاقه من حكم العقل المنجّز بقبح العقاب بلا بيان في الشبهة البدوية مطلقا حتى في الشبهة الموضوعية وقد تقدم منع حكم العقل مطلقا أوّلا ، ومنع حكمه في خصوص الشبهة الموضوعية لو سلّمناه في الشبهة الحكمية ثانيا ، ومنع كون حكمه منجّزا لو سلّمنا ذلك أيضا ، بل معلّق على عدم إيجاب الشارع للاحتياط لتجويز العقل تنجيز الواقع المجهول بالنسبة إلى غير الغافل ثالثا ، وحينئذ يقع التعارض بين حديث التثليث و«كل شيء لك حلال» تعارض التباين ، وحينئذ فلا وجه لقوله بل مخصّص بهما ، اللهمّ إلّا أن يقال إنّ الضمير في قوله بهما راجع إلى النبويين لا حديث التثليث والنبويين كما هو الظاهر ، لكن قد عرفت عدم دلالتهما على الاحتياط في الشبهة المحصورة بل ظاهرهما صورة
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٢٢١.