بيان ذلك : أنّ معنى الحديث أنّه لا تعاد الصلاة من قبل فقدان جزء أو شرط مما اعتبر في الصلاة في حال النسيان إلّا من خمسة ، ونسبته مع كل واحد من أدلة الأجزاء والشرائط عموم من وجه ، لأنّ دليل الجزء كالسورة مثلا يعمّ صورة العمد والنسيان ، وقوله (عليهالسلام) : «لا تعاد» يعمّ السورة وغيرها ، لكن الثاني حاكم على الأول ومقدّم عليه على ما فهمه الفقهاء وأفتوا على طبقه ، إلّا أنّ وجه الحكومة يمكن أن يكون من باب رفع الجزئية بأن يقال : يفهم من قوله (عليهالسلام) : «لا تعاد الصلاة» أنّ الجزئية التي دلّ عليها دليل وجوب السورة قد ارتفعت في حال النسيان ، وأنّ الصلاة بلا سورة تمام المأمور به في تلك الحالة ، فلذلك لا تعاد الصلاة من قبل ترك السورة ، وعلى هذا الوجه يكون محصّل المعنى من مجموع الحاكم والمحكوم أنّ طبيعة الصلاة لها نوعان : نوع مشتمل على السورة وهو تكليف الذاكر لها ، ونوع فاقد للسورة وهو تكليف الناسي لها ، ويمكن أن يكون من باب رفع بعض مقتضيات الجزئية وهو لزوم إعادة الصلاة بتركها في حال النسيان مع بقاء الجزء على وصف الجزئية في تلك الحال أيضا ، ولازمه أنّ الآتي للصلاة بدون ذلك الجزء غير آت بالمأمور به أصلا ، إلّا أنّ الشارع قد اكتفى بذلك عن المأمور به وحكم بصحّته شرعا ورضي بهذا الناقص بدلا عن تمام المأمور به في حال النسيان ، وعلى هذا يكون ذلك قسما آخر من الحكومة غير الأقسام الثلاثة المتقدمة ، وهو الأظهر من مفاد قوله (عليهالسلام) : «لا تعاد» إذ لا يزيد مفاده على عدم وجوب الإعادة بترك الجزء أو الشرط نسيانا ، وأين هذا من رفع جزئية الجزء وشرطية الشرط ، فإنّ ذلك يحتاج إلى دليل آخر مفقود في المقام ، ولا يبعد أن يكون مفاد قوله (عليهالسلام) : «رفع عن أمتي تسعة : الخطأ والنسيان وما لا يعلمون» إلخ (١) أيضا
__________________
(١) الوسائل ١٥ : ٣٦٩ / أبواب جهاد النفس ب ٥٦ ح ١.