الفعل المأمور به ذا مصلحة ويكون في تركه مفسدة ، وكذا الفعل المنهي عنه لا يجب أن يكون ذا مفسدة. وأيضا نقول على القول المشهور أيضا يحتمل أن يكون الفعل ذا مفسدة بشرط العلم بكونه كذلك فمن أين يعلم أنّ المفسدة تترتّب حال الجهل أيضا.
قلت : نعم ولكن مجرّد الاحتمال كاف في حكم العقل بلزوم تحصيل طريق الأمن من المفسدة ، ولا ريب أنّ احتمال المفسدة الذاتية للفعل مطلقا بعد باق فيجب الاحتياط بحكم العقل (١).
قوله : ثم إنّه ذكر السيد أبو المكارم (قدسسره) في الغنية (٢).
يمكن أن يكون كلامه هذا ناظرا إلى خصوص الجاهل الغافل ، وعليه لم يستدل بالدليل المذكور على البراءة المتنازع فيها ، ويمكن أن يكون ناظرا إلى الأعم منه ومن الجاهل الملتفت الذي نتكلّم عليه.
وكيف كان يمكن الاستدلال به كما هو صريح بعض من تأخّر على التقريب المذكور في المتن.
__________________
(١) أقول : والجواب أنّ حكمة الله البالغة تقتضي بيان ما في الأفعال من المصالح الملزمة والمفاسد ، فكلما لم يبيّن فيه ذلك بأمر أو نهي نستكشف من ذلك عدمها أو تداركها كما في تخلّف الأمارات المجعولة عن الواقع ، بل ربما يقال إنّا نعلم بالتدارك بالأدلة الشرعية الدالة على البراءة في الشبهات الموضوعية إجماعا ، وفي الشبهات الحكمية أيضا على المختار من تمامية أخبار البراءة لإثباتها كما مر مشروحا فتأمل فإنّا نتكلّم على تقدير عدم الدليل الشرعي على البراءة أو الإغماض عنها ليكون الحكم العقلي دليلا في المسألة وافيا للمطلوب فتدبّر ، وقد عرضت هذا الجواب على السيد الأستاذ (دامت بركاته) فارتضاه.
(٢) فرائد الأصول ٢ : ٥٧.