وأمّا الأقوال والاحتمالات في قيام الأمارات مقام القطع الموضوعي فثلاثة :
الأوّل : قيامها بنفس أدلّتها مقام القطع الموضوعي بجميع أقسامه حتّى فيما اخذ في الموضوع على نحو الصفتيّة.
الثاني : عدم قيامها مقام القطع الموضوعي مطلقا ، بلا فرق بين كونه على نحو الطريقيّة أو الصفتيّة ، كما عليه المحقّق الخراساني قدسسره.
الثالث : التفصيل الذي اختاره الشيخ الأعظم الأنصاري قدسسره والمحقّق النائيني قدسسره ، وهو : قيامها مقام القطع الموضوعي إذا كان على نحو الطريقيّة ، وعدم قيامها مقامه إذا كان على نحو الصفتيّة.
والتحقيق : أنّ كلامهما قدسسرهما كلام جيّد ، ولكنّه يحتاج إلى مكمّل ، وتوضيح ذلك : أنّه لا يستفاد من أدلّة الحجّية أن تكون الأمارات كالصفة النفسانيّة المسماة بالقطع ، وهكذا في القطع الموضوعي الطريقي إذا اخذ بعنوان كاشف تامّ ، وعدم وجود احتمال الخلاف في مورده ، فإنّ الأمارة لا تكون كاشفا تامّا.
نعم ، إذا اخذ في الموضوع بعنوان مطلق الكاشفيّة يستفاد من أدلّة الحجّية ترتّب أثر القطع على الأمارات ، ولكن لا لأجل قيامها مقامه ، بل لأجل أنّ معنى قوله : «إذا قطعت بوجوب صلاة الجمعة فتصدّق بكذا» يرجع إلى أنّه : إذا انكشف لك وجوب صلاة الجمعة بمطلق الانكشاف فتصدّق بكذا ، ويستفاد من أدلّة الحجّية أنّ ممّا يوجب الانكشاف هو الخبر الواحد ـ مثلا ـ فالأمارات من مصاديق الموضوع حقيقة ، ولعلّه كان مراد الشيخ الأعظم والمحقّق النائيني قدسسرهما أيضا هذا المعنى.
وأمّا المرحلة الثانية فاعلم أنّ الاصول العمليّة إمّا غير محرزة وإمّا محرزة ، فأمّا الاصول العمليّة الغير المحرزة التي ليس لها نظر إلى الواقع بل هي وظائف