بالابتلاء ـ لو لم يكن هناك ابتلاء مصحّح للتكليف ـ كان الإطلاق وعدم بيان التقييد دالّا على فعليّته ، ووجود الابتلاء المصحّح لهما ، كما لا يخفى» (١).
وأجاب عنه المحقّق النائيني رحمهالله بما ملخّصه : أنّ إطلاق الكاشف بنفسه يكشف عن إمكان إطلاق النفس الأمري ، ولو كان التمسّك بالمطلقات مشروطا بإحراز إمكان الإطلاق لانسدّ باب التمسّك بالمطلقات بالكلّيّة ، إذ ما من مورد يشكّ في التقييد إلّا ويرجع إلى الشكّ في إمكان الإطلاق ، خصوصا على مذهب العدليّة من تبعيّة الأحكام للمصالح والمفاسد النفس الأمريّة ؛ لأنّ الشكّ في كلّ قيد يلازم الشكّ في ثبوت المصلحة الموجبة للتقييد.
وبالجملة ، الإطلاق اللفظي يكشف عن ثبوت الإطلاق النفس الأمري ، كما أنّ الخطاب اللفظي يكشف عن ثبوت الملاك والمناط ، وحينئذ فيؤخذ بظاهر الإطلاق في الموارد المشكوكة ، ويستكشف منه أنّ عدم استهجان التكليف في مورد الشكّ ، كما يستكشف من إطلاق قوله عليهالسلام : «اللهمّ العن بني اميّة قاطبة» عدم إيمان من شكّ في إيمانه من هذه الطائفة الخبيثة ، مع أنّ حكم العقل بقبح لعن المؤمن لا ينقص عن حكمه بقبح تكليف من لا يتمكّن عادة (٢) انتهى.
وفيه : أنّ الفرق بين التقييد بالابتلاء وبين المقيّدات الآخر مثل تبعيّة الحكم للمصالح والمفاسد واضح ؛ لأنّ استهجان الخطاب مع عدم الابتلاء ممّا يكون بديهيّا عند العامّة ، بخلاف قضيّة المصلحة والمفسدة التي ذهب إليها جمع من العلماء ؛ لنهوض الدليل عليها ، وتكون مغفولا عنها عند العرف والعقلاء ، فإذا ورد «أكرم العلماء» مثلا ، يكون المتفاهم منه بنظر العرف هو وجوب إكرام
__________________
(١) كفاية الاصول ٢ : ٢٢٣.
(٢) فوائد الاصول ٤ : ٦١ ـ ٦٢.