كونه تعيينيّا أو تخييريّا بضميمة وجوب الاقتصار في التخصيص على القدر المتيقّن ، فالتخيير إنّما هو مقتضى تردّد المجعول بضميمة ما ذكر ، كما لا يخفى ، ولا يكون ناشئا من الدليل.
ومنها : أنّ ما ذكره ـ من أنّ التخيير في القسم الثاني إنّما هو من ناحية المدلول والمنكشف ـ محلّ منع ؛ إذ التخيير فيه إنّما هو كالتخيير في القسم الأوّل ؛ لأنّ التخيير فيه إنّما يكون منشؤه إطلاق مثل قوله : «انقذ كلّ غريق» بضميمة التخصيص بالنسبة إلى صورة العجز عن الإنقاذ بالإضافة إلى الغريقين مع لزوم الاقتصار في مقام التخصيص على القدر المتيقّن ، وهو الخروج الأحوالي فقط الذي مرجعه إلى رفع اليد عن الإطلاق ، لا الأفرادي والأحوالي معا الذي مرجعه إلى رفع اليد عن العموم.
وبالجملة ، فلا فرق بين القسمين إلّا في أنّ الحاكم بالتخصيص في القسم الأوّل هو الدليل اللفظي ، وفي القسم الثاني هو الدليل العقلي ، وهو لا يوجب الفرق بين التخييرين من حيث المقتضي ، كما لا يخفى.
ومنها : أنّه لو سلّم جميع ما ذكر فنمنع ما ذكره ـ من عدم كون التخيير في باب الاصول العمليّة من ناحية الدليل والكاشف ؛ لأنّ لنا أن نقول بأنّ التخيير فيها من جهة الدليل والكاشف ؛ لأنّ أدلّة أصالة الحلّ تشمل بعمومها أطراف العلم الإجمالي أيضا ، غاية الأمر أنّها خصّصت بالنسبة إليها قطعا ، ولكن أمر المخصّص دائر بين أن يكون مقتضاه خروج الأطراف مطلقا حتّى يلزم الخروج الأفرادي والأحوالي معا ، وبين أن يكون مقتضيا لخروج كلّ واحد منها مشروطا بدخول الآخر ، فهذا الإجمال بضميمة لزوم الاقتصار على القدر المتيقّن في مقام التخصيص أوجب التخيير ، كما هو واضح.