يقتضي جريانه عينا ، سواء عارضه أصل آخر أو لم يعارضه.
وأمّا انتفاء الثاني فلأنّ المجعول في باب الاصول العمليّة ليس إلّا الحكم بتطبيق العمل على مؤدّى الأصل بما أنّه الواقع ، أو لا بما أنّه كذلك على اختلاف الاصول ، ولكنّ الحكم بذلك ليس على إطلاقه ، بل مع انحفاظ رتبة الحكم الظاهري باجتماع القيود الثلاثة ، وهي : الجهل بالواقع ، وإمكان الحكم على المؤدّى بأنّه الواقع ، وعدم لزوم المخالفة العمليّة ، وحيث إنّه يلزم من جريان الاصول في أطراف العلم الإجمالي مخالفة عمليّة فلا يمكن جعلها جمعا ، وكون المجعول أحدها تخييرا وإن كان بمكان من الإمكان ، إلّا أنّه لا دليل عليه ، لا من ناحية أدلّة الاصول ، ولا من ناحية المجعول فيها (١). انتهى.
ويرد عليه ـ كما ذكر استاذنا السيّد الإمام رحمهالله ـ عدّة إيرادات :
منها : أنّ ما ذكره ـ من أنّ التخيير في القسم الأوّل إنّما هو من ناحية الدليل والكاشف لا المجعول والمنكشف ؛ لأنّ في كلّ من العامّ والخاصّ هو الحكم التعييني ـ محلّ نظر ، بل منع ؛ ضرورة أنّه لو كان الحكم المجعول في الخاصّ حكما تعيينيا ـ أي خروج زيد وعمرو في المثال عن العامّ في جميع الحالات ـ وعلم ذلك لم يكن مجال للتخيير ـ بمعنى التخصيص الأحوالي ، وهو خروج كلّ واحد منهما مقيّدا بدخول الآخر ـ لأنّه مساوق للعلم بكون التخصيص أحواليّا وأفراديّا معا ؛ لوضوح أنّه لو كان التخصيص أحواليّا فقط وكان خروج كلّ من الفردين مشروطا بدخول الآخر يكون الحكم المجعول حكما تخييريّا.
وبالجملة ، فالّذي أوجب الحكم بالتخيير هو تردّد المجعول في الخاصّ بين
__________________
(١) فوائد الاصول ٤ : ٢٨ ـ ٣١.