التنزيل المذكور ، وهو ضعيف جدّا ، إذ غاية ما يقتضيه التعليق قيام الاحتمال الحاصل في المقام ، فجواز تعليق الأمر عليه ممّا لا ينبغي الريب فيه. بل يحتمل حينئذ أن يقال بجواز إطلاق الأمر أيضا ـ لما نقرّره في صورة الشكّ ـ وإن كان شاكّا فيه. فقضيّة كلام السيّد فيما يأتي المنع منه أيضا ، وكأنّه لدلالة الإطلاق على حصول الأمر مع انتفاء الشرط أيضا.
ويدفعه : ظهور إرادة التعليق في مسألة (١) وإن لم يصرّح به كما هو الظاهر من ملاحظة الأوامر المطلقة الدائرة في المخاطبات العرفيّة.
نعم ، لو دار الأمر في إطلاق الأمر مع حصول الشرط وعدمه لم يجز ذلك قطعا ولو جوّزنا الأمر بالشيء مع علم الآمر بانتفاء شرطه ، حسب ما مرّت الإشارة إليه ، ويحتمل حينئذ جواز إطلاق الأمر على الوجه الّذي مرّ في صورة الظنّ ، فيتعلّق به التكليف ، وعند انتفاء الشرط يرتفع من حينه ، لا أنّه ينكشف انتفاؤه من أصله ، فيكون المصحّح له جهل الآمر بالانتفاء.
فإن قلت : إمكان الفعل شرط في تعلّق التكليف ، وهو مشكوك في المقام ، والشكّ فيه قاض بعدم جواز الإقدام على المشروط به.
قلت : قيام احتمال حصول الشرط قاض بإمكان الفعل في نظر الآمر ، وهذا القدر كاف في الإقدام عليه ، على أنّ اشتراط الإمكان الواقعي (٢) غير ظاهر ، غاية الأمر أنّه بعد ظهور الامتناع يرتفع التكليف حينئذ ، فكما يقوم الاحتمال المذكور بالنسبة إلى حصول الشرط في الزمان اللاحق كذا يجري في المقارن إذا شكّ في حصوله وإن كان الحال في الأوّل أولى.
قوله : (فأجازه مع علم المأمور أيضا).
ما ذكره بناء على قاعدتهم من تجويز التكليف بما لا يطاق ، فنقل كثير منهم الاتّفاق على منعه غير متّجه على أصولهم إلّا أن يكون المراد الاتّفاق على
__________________
(١) كذا ، والعبارة ناقصة ظاهرا.
(٢) في (ق): «على أنّ ثبوت الإقدام الواجب».