وأمّا الثاني فلأنّ فائدة صدور الأمر ليست منحصرة في الإتيان بالفعل لئلّا يترتّب عليه فائدة بعد العلم بفواته لانتفاء شرطه ، بل هناك فوائد اخر كما عرفت ذلك في المسألة السابقة.
وأمّا الثالث ففيه أوّلا : المنع من دلالة الاشتراط على الشكّ ، بل مفاده إناطة الحكم بما علّق عليه.
نعم ، قد يستفاد ذلك من بعض أدواته ، حسب ما ذكروه في التعليق الحاصل بإن كيف وإطلاق الأمر حينئذ قد يفيد خلاف المقصود ، لدلالته إذا على إطلاق الوجوب مع أنّ المفروض كونه مشروطا.
وثانيا : أن أقصى ما يفيده تشكيك المخاطب وترديده بين حصول الشرط وعدمه أعمّ من إفادته شكّ المتكلّم ، ولو سلّم كونه حقيقة في الثاني فلا مانع من الخروج عنه بعد قيام الدليل عليه ، وقد يستفاد من ذلك المنع من الاشتراط في حقّ العالم إذا كان عالما بحصول الشرط أيضا ، ولذا نصّ السيّد على المنع منه أيضا كما سيجيء.
وأمّا المسألة الثالثة فإن كان الآمر ظانّا بحصول الشرط فلا إشكال في جواز الأمر من دون تعليق على الشرط ، لقيام الظنّ في ذلك مقام العلم ، كما ستجيء الإشارة إليه في كلام السيّد ، إلّا أنّه معلّق في الواقع على حصول الشرط ، وإنّما اطلق نظرا إلى ظهور حصوله ، فيكشف عند ظهور انتفائه عدم حصول التكليف من أصله. ويحتمل القول بإطلاق الأمر وحصول التكليف حينئذ مطلقا لاعتقاده حصول الشرط ، غاية الأمر سقوطه عند انكشاف فساد ظنّه ، كما هو الحال في صورة القطع به بعد انكشاف فساد قطعه. وإن كان ظانّا بخلافه فيحتمل أيضا إلحاق ظنّه بالعلم لقيامه مقامه عند انسداد باب العلم ، فيكون مانعا من إطلاق الأمر (١). وربّما يتوهّم المنع من تعليق الأمر على الشرط المفروض نظرا إلى
__________________
(١) في (ق) زيادة «كما أنّه يجوز ما في الصورة الاولى».