نعم قد يتخيّل أنّ الانضمام أيضا على خلاف الأصل وهو إنّما يحصل بناء على بقاء الجواز فيكتفي به في معارضة الاستصحاب المذكور ، وكأنّه أشار إلى ذلك بقوله : فإنّ انضمام القيد ممّا يتوقّف عليه وجود المقتضي ، وفيه ما قد عرفت من أنّ الانضمام أمر اعتباري تابع لبقاء الإذن فلا يمكن أن يعارض به أصالة بقائه هذا.
ولنختم الكلام في الأوامر بذكر مسائل يتعلّق بها قد يتداول إيرادها في جملة مباحثها ، ولم يتعرّض المصنّف لبيانها ونحن نفصّل الكلام فيها :
ـ أحدها ـ
أنّه إذا تعلّق الأمر بموقّت فهل يفوت وجوب الفعل بفوات الوقت أو أنّه لا يسقط وجوب أصل الفعل لفوات وقته؟ فيجب الإتيان بعد الوقت أيضا إذا لم يأت به في وقته ، فيكون وجوب القضاء بالأمر الجديد على الأوّل وبالأمر الأوّل على الثاني قولان. وهذه المسألة جزئيّة من قاعدة كليّة وهي انّه إذا تعلّق الأمر بمقيّد ثمّ فات المقيّد أو لم يتمكّن المكلّف من الإتيان به كذلك فهل يجب الإتيان بالمطلق أو لا؟ سواء كان تقييده بزمان أو مكان أو آلة أو كيفيّة خارجة أو نحوها ، وهي قريبة المأخذ من المسألة المتقدّمة بل المناط فيها واحد في الحقيقة كما أشرنا إليه ثمّة.
وهنا مسألة اخرى نظير المسألة المذكورة وهي أنّه إذا تعلّق الأمر بالكلّ فلم يتمكّن المكلّف من الإتيان ببعض أجزائه فهل يسقط التكليف بالكلّ أو أنّه يجب الإتيان به على حسب ما يتمكّن من أجزائه إلّا أن يقوم دليل على السقوط؟
وأيضا إذا تعمّد ترك الإتيان ببعض أجزائه فهل الأصل حصول الامتثال على قدر ما يأتي به منها أو أنّه لا امتثال إلّا بأداء الكلّ؟ ونحن نفصّل البحث في جميع الصور المذكورة إن شاء الله تعالى إلّا أنّا نتكلّم أوّلا فيما هو محلّ البحث في المقام ثمّ نتبعه بالكلام عن سائر الأقسام.