التكليف بالمكلّف بحسب الواقع واشتغال ذمّته بأداء الفعل مع علم الآمر بانتفاء شرطه وعدمه ، كما هو صريح كلماتهم وقضيّة أدلّتهم ، والتفريع الّذي فرّعوه عليها ، وكأنّه رحمهالله قرّر النزاع في ما ذكره لوضوح فساد ذلك ، وكونه من قبيل التكليف بالمحال ، أو من جهة ظهور التدافع بين حصول التكليف وفرض انتفاء شرطه ، فنزل الخلاف فيه على ما قرّره.
وقد عرفت اندفاع الوجهين ، مضافا إلى أنّ ظهور وهن الخلاف في شيء لا يقتضي عدم كونه موردا للخلاف ، مع اشتهار المخالف (١) وتنزيله الخلاف فيه على ما ذكره ممّا لا وجه له بعد تصريحهم بخلافه ، وإن أمكن وقوع الخلاف فيه أيضا إلّا أنّه غير المسألة المفروضة ، بل أمكن إدراجه في ما عنونوه بناء على تعميم الأمر للمنجّز والمعلق حسب ما أشرنا إليه ، وحينئذ فتخصيص النزاع به غير متّجه ، وكيف كان فالظاهر أيضا جواز ذلك للأصل وانتفاء المانع ، وما يتخيّل للمنع منه أمور :
منها : أنّه من التكليف بالمحال ، لتعلّق الطلب بما علم الآمر استحالته.
ومنها : لزوم الهذريّة والخلوّ عن الفائدة ، لعلمه بعدم حصول المكلّف به ، بل ارتفاع التكليف لانتفاء شرطه.
ومنها : قبح الاشتراط من العالم بالعواقب ، إذ مقتضاه الشكّ في حصول الشرط ، وعدم علمه بالحال ، حسب ما أشار إليه السيّد والكلّ مدفوع :
أمّا الأوّل فبما عرفت من عدم لزوم محذور من الجهة المذكورة مع تنجيز الأمر فكيف مع تعليقه على الشرط؟ ومع الغضّ عن ذلك فإنّما يلزم التكليف بالمحال لو كان هناك إطلاق في التكليف ، وليس كذلك ، إذ المفروض تعليقه على شرط غير حاصل ، فهو في معنى عدم التكليف ، لقضاء انتفاء الشرط بانتفاء المشروط ، فهو نظير القضيّة الشرطيّة الصادقة مع كذب المقدّمتين.
__________________
(١) في (ق) : قول المخالف.