فساد مبناه ، فاتّجه القول بالجواز ، وليس فيه مخالفة لإجماع الأصحاب ، إذ لا يظهر منهم انعقاد إجماع منهم عليه ، ولا وقفنا على ادّعاء الإجماع عليه ، كيف! وقد ذهب المفيد إلى جواز نسخ الفعل قبل حضور وقته ، وهو من جملة جزئيّات هذه المسألة ، فإنّه إذا أمر بالشيء ثمّ نسخه قبل حضور وقته كان آمرا بالشيء مع علمه بانتفاء شرطه الّذي هو عدم النسخ ، وحيث إنّ المعروف عندنا (١) القول بالمنع في المقام فالمعروف هناك القول بالمنع أيضا. والمتّجه عندنا الجواز في المقامين.
ومن الغريب أنّ بعض الأفاضل مع قطعه في المسألة بالمنع أجاب عمّا احتجّوا به من أمر إبراهيم عليهالسلام بذبح ولده ـ حسب ما يأتي ـ أنّه يمكن أن يكون ذلك من قبيل نسخ الفعل قبل حضور وقته ، مع أنّ ذلك أيضا عين مقصود المستدلّ من وقوع الأمر على النحو المفروض.
وأمّا المسألة الثانية فقد اختلفوا فيها أيضا ، بل قرّر السيّد النزاع في المسألة في ذلك بخصوصه ، واستحسنه المصنّف ، وقد نصّ السيّد بالمنع منه ، واختاره المصنّف ، وربّما يظهر ذلك من غيرهما أيضا ، وقد يستفاد ذلك من إطلاقهم المنع من الأمر بالشيء مع علم الآمر بانتفاء شرطه بناء على تعميم الأمر للتنجيزي والتعليقي.
ويبعّده : أنّ الأمر التعليقي لا يتعلّق بالمكلّف إلّا بعد حصول ما علّق عليه ، فلا أمر في الحقيقة قبل حصوله.
وأنت خبير بأنّ تخصيصه النزاع بالصورة المذكورة مخالف لظاهر كلمات القوم ، بل صريحها ، وما تقتضيه أدلّتهم في المسألة حسب ما ستجيء الإشارة إليه ، فإنّ قضيّة كلماتهم وقوع النزاع في تعلّق التكليف بالمكلّف فعلا مع علم الآمر بانتفاء شرطه في المستقبل ، إلّا أن يكون البحث في خصوص التكليف المعلّق على الشرط كما ذكره السيّد ، إذ غاية الأمر حينئذ قبح الاشتراط حسب ما أطال القول فيه ، أو قبح إلقاء الخطاب المفروض ، وليس مناط البحث فيه حينئذ إمكان تعلّق
__________________
(١) كذا ، والظاهر : عندهم.