المكلف من امتثالهما لا محالة يقيد الأمر الأول بعصيان الأمر بالأهم وعدم الإتيان به. والثاني كما إذا توقف الإتيان بفرد من الواجب على مقدمة محرمة وكانت حرمتها أهم من وجوبه فلا محالة يقيد إطلاق دليله بغير هذا الفرد ، والتقييد في هذا الفرض منحصر بما إذا كان التكليف بالأهم فعليا منجزا ، وإلّا فلا يكون شاغلا لقدرة العبد ، ولا يوجب تقييد الأمر الأول كما هو ظاهر.
الثالث : ان يكون التقييد من جهة المعارضة ، ولا إشكال في عدم جريان ذلك فيما إذا كان كلا الحكمين إيجابيا حتى فيما إذا فرضنا انّ طرف أحد الواجبين الاستقلاليين هو الواجب الآخر ، كما إذا قال المولى : «صل» وقال : «اقنت في صلاتك» مع فرض كونه تكليفا استقلاليا ، فالتقييد بالحكم الإيجابي في المقام لا وجه له.
نعم يجري ذلك فيما إذا كان الدليل الثاني تحريميا ، ومن ذلك مورد بحثنا أعني موارد اجتماع الأمر والنهي مع كون التركيب اتحاديا ، كما في الأمر بالصلاة والنهي عن الغصب ، فبما انّ المحرم والمبغوض يستحيل ان يكون مطلوبا ومقربا لا محالة يقيد إطلاق دليل وجوب الصلاة المتعلق بالطبيعي بنحو صرف الوجود بغير الفرد المحرم.
وفي هذا الفرض لا يفرق على المختار بين صورتي العلم والالتفات إلى الحرمة والجهل بها ، لأنّ الجهل لا يرفع الحرمة الواقعية على ما عرفت الكلام فيه.
وامّا لو ارتفعت الحرمة واقعا باضطرار أو إكراه ونحوه مما يكون رافعا للتكليف فهل يعود الأمر الساقط ويشمله إطلاق الدليل الأول كما ذهب إليه المشهور لأنّ المانع قد ارتفع ، أو انّ الإطلاق الساقط لا يعود كما ذهب إليه المحقق النائيني قدسسره (١).؟
__________________
(١) فوائد الأصول ـ المجلد الأول ـ ص ٤٦٧.