فانّ الجهل بالحرمة لا يوجب ارتفاعها واقعا كما لا يوجب جواز اجتماع الضدين كما هو واضح.
وان شئت قلت : انّ التقييد في باب التعارض دائما يكون لفظيا كما في جميع موارد التعارض بين العامين من وجه ، فالتفصيل بين صورة العلم والجهل لا وجه له بعد فرض تقديم جانب النهي ، لكون عمومه شموليا.
ومن ثم ذهب المحقق النائيني إلى إنكار ما نسب إلى المشهور من ذهابهم إلى امتناع اجتماع الأمر والنهي وابتناء هذه المسألة عليه ، وذكر : انّ تفصيل المشهور بين الصورتين مبني على ذهابهم إلى جواز الاجتماع ودخول المسألة في باب التزاحم.
فتلخص : من جميع ما ذكرناه انه بناء على القول بامتناع اجتماع الأمر والنهي ، امّا لأجل انّ التركيب بين المتعلقين اتحادي ، وامّا لأجل سراية كل من الأمر والنهي إلى متعلق الآخر ولو كان التركيب انضماميا ، وتقديم جانب النهي لا يتحقق الامتثال بالإتيان بالمجمع ، من غير فرق بين العبادات والتوصليات ، لأنه حينئذ لا يكون مصداقا للمأمور به ، فانّ الأمر بالطبيعي بنحو الإطلاق ورفض القيود المستلزم لترخيص المكلف في تطبيقه على أي فرد شاء ينافي النهي الواقعي عن بعض الافراد علم به المكلف أم لم يعلم ، فلا محالة يقيد به ذاك الترخيص ويختص بغير مورد النهي ، فالتفصيل بين الصورتين على هذا المبنى غير صحيح. هذا كله في الجهل الّذي هو عذر.
وامّا النسيان أو الإكراه أو الاضطرار ونحوها مما يرتفع الحكم في مورده واقعا لا ظاهرا ، كما لو فرضنا انّ مكلفا اضطر إلى الدخول في المحل المغصوب وإلّا قتلوه ، أو أكره على ذلك كما لو حبس في محبس مغصوب ، أو نسي غير الغاصب غصبية الدار ، أو كان غافلا عن ذلك ، فهل تصح صلاته حينئذ في ذلك المكان أو لا تصح؟