على جميع الآيات التي تعلقت بها سائر الطوائف ، وقالوا : لله الأمر كله لا معقب لحكمه فهو يفعل ما يشاء ما نعلم لهم حجة غير ما ذكرنا.
قال أبو محمد : وأما من قال بمثل هذا إلا أنه قال الله تعالى إن عذب واحدا منهم عذب الجميع ، وإن غفر لواحد منهم غفر للجميع ، فإنهم قدرية ، جنحوا بهذا القول نحو العدل ، ورأوا أن المغفرة لواحد وتعذيب من له مثل ذنوبه جور ومحاباة ، ولا يوصف الله عزوجل بذلك.
وأما من قال بالموازنة فإنهم احتجوا فقالوا : إن آيات الوعيد ، وأخبار الوعيد ، التي احتج بها من ذهب مذهب المعتزلة والخوارج ، فإنها لا يجوز أن تخص بالتعليق بها دون آيات العفو وأحاديث العفو التي احتج بها من أسقط الوعيد ، وكذلك الآيات التي احتج بها من أسقط الوعيد ، لا يجوز التعلق بها دون الآيات التي احتج بها من أثبت الوعيد بل الواجب جمع جميع تلك الآيات ، وتلك الأخبار ، وكلها حق وكلها من عند الله ، وكلها مجمل يفسرها آيات الموازنة ، وأحاديث الشفاعة ، التي هي بيان لعموم تلك الآيات ، وتلك الأخبار ، وكلها من عند الله ، قالوا : ووجدنا الله عزوجل قد قال : (يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) [سورة الكهف آية رقم ٤٩].
وقال تعالى : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ) [سورة الأنبياء آية رقم ٤٧] الآية.
وقال تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) [سورة الزلزلة آية رقم ٧ ، ٨].
وقال تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ) [سورة البقرة آية رقم ١٤٣].
وقال تعالى : (فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً) [سورة يس آية رقم ٥٣ ، ٥٤] الآية.
وقال تعالى : (لِيَجْزِيَ اللهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) [سورة إبراهيم آية رقم ٥١].
وقال تعالى : (ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) [سورة البقرة آية رقم ٢٨١].
__________________
١٩٤ ، والدارمي في الصلاة باب ٢٠٨.