كفر نعمة ، وبعضهم قال إلى نفاق ، وبعضهم قال إلى فسق ، قالوا : فإذ ليس مؤمنا فلا يدخل الجنة ، لأنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون ، هذا كل ما احتجوا به ما نعلم لهم حجة أصلا غير ما ذكرنا ، وأما من خص القاتل بالتخليد فإنهم احتجوا بقوله تعالى : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها) [سورة النساء آية رقم ٩٣] فقط وأما من قطع بإسقاط الوعيد عن كل مسلم فإنهم احتجوا بقول الله تعالى (لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى) [سورة الليل آية رقم ١٥ و ١٦].
قالوا : وهذه الآية مثبتة أن كل من توعده الله عزوجل على قتل أو زنا أو ربا أو غير ذلك فإنما هم الكفار خاصة لا غيرهم. واحتجوا بقول رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من قال لا إله إلا الله حرم الله عليه النار وأوجب له الجنة». (١) و «من قال لا إله إلا الله مخلصا من قلبه دخل الجنة وإن زنا وإن سرق وإن شرب الخمر ، على رغم أنف أبي ذر» (٢).
وقول الله عزوجل : (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) [سورة الأعراف آية رقم ٥٦].
قالوا : ومن قال لا إله إلا الله محمد رسول الله فقد أحسن فهو محسن فرحمة الله قريب منه ، ومن رحمهالله فلا يعذب. وقالوا : كما أن الكفر محبط لكل حسنة ، فإن الإيمان يكفر كل سيئة والرحمة والعفو أولى بالله عزوجل.
قال أبو محمد : هذا كل ما احتجوا به ما نعلم لهم حجة غير هذا أصلا أو يدخل فيما ذكرنا ولا يخرج عنه. وبالله تعالى التوفيق.
وأما من قال : إن الله تعالى يغفر لمن يشاء ، ويعذب من يشاء ، وقد يعذب من هو أقل ذنوبا ممن يغفر لهم فإنهم احتجوا بقول الله عزوجل (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) [سورة النساء آية رقم ٤٨] وبقول رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «خمس صلوات كتبهن الله على العبد من جاء بهنّ لم ينقص من حدودهن شيئا كان له عند الله عهد أن يدخله الجنّة ، ومن لم يأت بهنّ لم يكن له عند الله عهد ، إن شاء عذّبه وإن شاء غفر له» (٣) وجعلوا الآيتين اللتين ذكرنا قاضيتين
__________________
(١) رواه الإمام أحمد في المسند (٣ / ٤٥١ ، ٤٦٧).
(٢) رواه البخاري في اللباس باب ٢٤ ، ومسلم في الإيمان حديث ١٥٤ ، وأحمد في المسند (٥ / ١٦٦).
(٣) رواه من حديث عبادة بن الصامت الإمام مالك في الموطأ (كتاب صلاة الليل ، باب ٣ ، حديث ١٤) وأبو داود في الوتر باب ٢ ، والنسائي في الصلاة باب ٦ ، وابن ماجة في الإقامة باب