قال أبو محمد : أما قولهم في إخبار الله تعالى عن اليهود : أنهم يعرفون رسول الله صلىاللهعليهوسلم كما يعرفون أبناءهم ، وعن اليهود والنّصارى أنهم يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل.
فباطل بحت ومجاهرة لا حياء معها ، لأنه لو كان كما ذكروا لما كان في ذلك حجة لله تعالى عليهم ، وأيّ معنى أو أي فائدة في أن يجيزوا صورته ويعرفوا أنه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب فقط؟ أو في أن يجدوا كتابا لا يفقهون معناه؟
فكيف ونص الآية نفسها مكذبة لهم؟ لأنه تعالى يقول : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [سورة البقرة : ١٤٦].
فنصّ تعالى أنهم يعلمون الحق في نبوته.
وقال في الآية الأخرى : (يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ) [سورة الأعراف : ١٥٧].
وإنما أورد تعالى معرفتهم لرسول الله صلىاللهعليهوسلم محتجا عليهم بذلك لا أنه أتى من ذلك بكلام لا فائدة فيه.
وأما قولهم في إبليس فكلام داخل في الاستخفاف بالله عزوجل وبالقرآن لا وجه له غير هذا ، إذ من المحال الممتنع في العقل وفي الإمكان غاية الامتناع أن يكون إبليس يوافق في هزله عين الحقيقة في أن الله تعالى كرّم آدم عليهالسلام ، عليه ، وأنه تعالى أمره بالسجود فامتنع.
وفي أن الله تعالى خلق آدم من طين وخلقه من نار.
وفي إخباره آدم أن الله تعالى نهاه عن الشجرة وفي دخوله الجنة وخروجه عنها إذ أخرجه الله تعالى.
وفي سؤاله الله تعالى النظر.
وفي ذكره يوم يبعث العباد.
وفي إخباره أن الله تعالى أغواه.
وفي تهديده ذرية آدم قبل أن يكونوا.
وقد شاهد الملائكة والجنة وابتداء خلق آدم ، ولا سبيل إلى موافقة هازل بمعان صحيحة لا يعلمها ، فكيف بهذه الأمور العظيمة؟