والطفل خاصة.
وبرهان ما قلنا قول الله تعالى : (وَلَوْ شِئْنا
لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ
جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) [سورة السجدة : ١٣]
فصح أن الهدى الذي لو أراد الله تعالى جمع الناس عليه هو المنقذ من النار والذي لا
يملأ جهنم من أهله وكذلك قوله تعالى : (وَما كانَ لِنَفْسٍ
أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) [سورة يونس : ١٠٠].
فصح أن الإيمان
جملة شيء واحد وهو المنقذ من النار الموجب للجنة. وأيضا فإن الله عزوجل يقول : (مَنْ يَهْدِ اللهُ
فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً) [سورة الكهف : ١٧]
ويقول : (إِنَّكَ لا تَهْدِي
مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) [سورة القصص : ٥٦].
ويقول تعالى : (لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ
اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) [سورة البقرة : ٢٧٢].
فهذه الآيات مبينة
أن الهدى المذكور هو الاختياري عند المعتزلة لأنه تعالى يقول لنبيه صلىاللهعليهوسلم : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ
لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ
حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) [سورة يونس : ٩٩].
وقال تعالى : (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ) [سورة البقرة :
٢٥٦].
فصح يقينا أن الله
تعالى لم يرد قط بقوله : (لَجَمَعَهُمْ عَلَى
الْهُدى) و (لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ) إيمانا فيه إكراه فبطل هذرهم والحمد لله رب العالمين.
فإن قالوا لنا :
فإذا أراد الله تعالى كون الكفر والضلال فأريدوا ما أراد الله تعالى من ذلك. قلنا
لهم وبالله التوفيق : ليس لنا من أن نفعله ما لم نؤمر به ولا يحل لنا أن نريد ما
لم يأمرنا الله تعالى بإرادته وإنما علينا ما أمرنا به فنكره ما أمرنا بكراهيته
ونحب ما أمرنا بمحبته ونريد ما أمرنا بإرادته ثم نسألهم هل أراد الله تعالى إمراض
النبي صلىاللهعليهوسلم إذ أمرضه ، وموته صلىاللهعليهوسلم إذ أماته ، وموت إبراهيم ابنه إذ أماته أو لم يرد الله
تعالى شيئا من ذلك؟ فلا بد أن الله تعالى أراد كون كل ذلك فيلزمهم أن يريدوا موت
النبي صلىاللهعليهوسلم ومرضه وموت ابنه إبراهيم لأن الله تعالى أراد كون كل ذلك.
فإن أجابوا إلى ذلك ألحدوا بلا خلاف وعصوا الله ورسوله وإن أبوا من ذلك بطل ما أرادوا
إلزامنا إياه. إلا أنه لازم لهم على أصولهم الفاسدة لا لنا لأنهم صححوا هذه
المسألة ونحن لم نصححها ، ومن صحح شيئا لزمه. ثم نقول لهم وبالله تعالى التوفيق.
لسنا ننكر في حال
ما يباح لنا فيه إرادة الكفر من بعض الناس فقد أثنى الله عز